Site icon IMLebanon

الهيئة العامة تتجاوز “قطوع” قطوعات الحساب؟

فيما لا تزال تبعات حادثة «قبرشمون» تحول دون عقد جلسة حكومية تجنباً لمزيد من الخلاف على خلفية إحالة الحادثة الى المجلس العدلي، لا تزال محاولات التوصل الى تسوية لتمديد مهلة تقديم قطع الحساب مستمرة، في ظل معلومات تتحدث عن التوصل الى مخرج يعطي فترة سماح من دون إقفال الملف. وقد كان هذا الموضوع الأبرز خلال جلسة الهيئة العامة لمناقشة موازنة 2019، التي طالتها سهام النواب باعتبارها لا تلبي الطموحات.

لم يكسر كلام عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله رتابة مجلس النواب، كما في العادة. ولم يفعل ذلك، ايضاً، السقف العالي الذي تحدّث به نائب بعلبك الهرمل اللواء جميل السيد حيال ملفات فساد، مورداً بعض الأرقام والوقائع حول تجاوزات تحصل في الميدل إيست وشركات الإتصال والصناديق الخاصة ومصرف لبنان. صارَت هذه المداخلات، بصرف النظر عن جديتها، مواقِف «تقليدية» في مجلس النواب. جلسة مناقشة مشروع موازنة 2019، أمس، التي استحضر فيها النواب المتكلّمون كل ما يخصّ الإستقرار المالي والنقدي والقطاع العام والإصلاحات الهيكلية، ظلّت عقدتها الأبرز هي قطوعات الحساب.

إذ لم تكنُ الإتصالات السياسية صباحاً قد توصلت الى إيجاد مخرج لها. ولم يتوقّف السؤال عن قطوعات الحساب، المتراكمة منذ سنوات، والتي يفترض أن تُحال كمشاريع قوانين من الحكومة، وتقر قبيل نشر مشروع الموازنة. وكان رئيس مجلس النواب نبيه برّي قد أعلن في الجلسة الصباحية بأن «قطع الحساب يتم عبر التصويت، وستكون هناك جلسة لمجلس الوزراء إبان الجلسة»، مضيفاً: «تكلمنا مع رئيس الحكومة سعد الحريري وطلبنا عقد جلسة خاصة للحكومة بموضوع قطع الحساب، سيما أنه انتهى في ديوان المحاسبة ووعدنا بعقد جلسة اليوم أو غدا»، ثمّ عادَ فاعتذر في الجلسة المسائية مُضيفاً «وصلني اقتراح حل لقطع الحساب وبالتالي لن تكون هناك جلسة للحكومة»، ما عزّز عند البعض مؤشرات صعوبة الوصول الى اتفاق، علماً أن أكثر من نائب ووزير أكد في دردشة مع الصحافيين بعدَ رفع الجلسة بأن برّي وافق على «صيغة الحل المقدمة من تكتل لبنان القوي التي تقضي بتمديد مهلة تقديم قطوعات حسابات السنوات السابقة لمدة ٦ أشهر. وهذا الحل يسمح بنشر الموازنة ويغني عن انعقاد مجلس الوزراء في اليومين المقبلين، خصوصاً أن تبعات حادثة قبرشمون لا تزال تحول دون عقد الجلسات الوزاريّة تجنباً لتفجير الحكومة على خلفيّة إحالة هذه الحادثة إلى المجلس العدلي».

الجلسة الأولى لمناقشة موازنة 2019، انعقدت تزامناً مع اعتصام العسكريين المتقاعدين في ساحة الشهداء، وسطَ إجراءات أمنية مشددة، بدت معها الشوارع المحيطة بمجلس النواب فارغة تماماً بفعل الإجراءات التي دفعت الموظفين والمواطنين الى السير مسافات طويلة للوصول الى أماكن عملهم. أما في الداخل، فقد كان لافتاً العدد الضخم لطالبي الكلام والذي اقترب من نصف عدد أعضاء المجلس، ووصل في الجلسة المسائية الى 63، ما دفع برئيس المجلس الى اختصار الكلمات. في الجولتين الأولى والثانية تحدث 17 نائباً مثلوا الكتل الأساسية في الحكومة. وكانت المداخلة الأولى لبري الذي شكر المجلس النيابي ورئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان على الجهد الذي بُذل لإقرارها. ثم تلا كنعان التقرير النهائي للجنة المال والموازنة عن حصيلة عملها وتعديلاتها على مشروع الموازنة، وقال إن «اللجنة أنجزت درسه آخذة في الإعتبار أن قطع الحساب الذي كان يجب أن يحال ويقر لسنة 2018 لم ينجز بعد، وأنه انقضت المهلة من دون أن تلتزم الحكومة بمشاريع قطع الحساب علما انها شرط دستوري وقانوني لدراسة الموازنة وفقا لما ينص القانون».

مجمل النواب الذين تحدثوا ركزوا على غياب الرؤية الإقتصادية في موازنة صيغت تحت الضغط، ولم تطل القضايا الإشكالية، بل كان همها المس بجيوب المواطنين للحصول على ايرادات بأي شكل. ورغم التعديلات التي أجرتها لجنة المال والموازنة، وطالت 65 مادة من أصل 99 فيما ألغت 7 مواد، إلا أن النواب أنفسهم الذين شاركوا في التعديل أقروا خلال الجلسة بأنها موازنة «الضحك على الناس ولا تلبي الطموحات». وزير المال علي حسن خليل أكد خلال تواجده في أروقة المجلس أن قطع الحساب أنجز ولا بد أن يرسل الى مجلس الوزراء لإقراره، فيما طالب النواب الذي تناوبوا على الكلام بانعقاد الحكومة لتجنيب مجلس النواب مخالفة دستورية جديدة. قبلَ أن يضعوا الموازنة مُكرهين على طريق الإقرار، وفي مقدمتهم رئيس لجنة المال الذي اعترف بأن اللجنة لاحظت «غياب الرؤية الإقتصادية والإجتماعية لمشروع الموازنة المحال إليها حول ارتفاع معدل البطالة وانخفاض نسبة النمو، وتدني نسبة الإعتمادات المخصصة للنفقات الإستثمارية».

وكانت القوات اللبنانية قد اعلنت عن رفضها التصويت على الموازنة، معتبرة أنها «موازنة التمييع والتردد» كما قالت النائب ستريدا جعجع التي صّوبت على التيار الوطني الحر من باب قطاع الكهرباء، كونه « المسؤول الرئيسي عن تضخم عجز الموازنة في السنوات الأخيرة». فيما أكد النائب بلال عبدلله تصويت «اللقاء الديمقراطي» لصالحها مع تسجيل بعض التحفظات. كذلك فعل النائب ميشال معوض الذي اعتبرها «موازنة دفترية».

من جهته ردّ رئيس الحكومة سعد الحريري على «القوات» تحديداً النائب جورج عدوان بالقول «نحاول أن نحل مشكلة عمرها 15 سنة ومقاربة الامور بشكل ايجابي لإيجاد الحلول، واتمنى على النواب عندما نتحدث عن الاستقرار المالي ان نتكلم بمسؤولية، وهاجموا الحكومة كما تريدون».

وفي انتظار التسوية والإفراج الحكومي عن قطع الحساب لاكتمال النصاب الدستوري في مجلس النواب، تستمر جلسات مناقشة الموازنة اليوم وغداً. فيما علمت «الأخبار» أن «كنعان رفض كل الصيغ التي عرضت أخيراً لاقرار الحسابات المالية من دون تدقيق كامل قطوعات الحسابات من قبل ديوان المحاسبة، وهو ما يؤدي إلى تسريع اعداد الحكومة مشروع نصّ قانون يعطيها مهلة ستة أشهر لانجاز التدقيق في ديوان المحاسبة وإحالتها حسب الأصول للمجلس النيابي ما يؤدي الى منع أي تسوية مالية».