البرلمان اللبناني بدأ الثلاثاء مناقشة مشروع موازنة العام 2019، التي تثير جدلا كبيرا على الساحتين السياسية والشعبية، وسط قناعة بأنه ستتم في النهاية المصادقة عليها، رغم الشعارات التي يرفعها نواب المجلس بشأن ضرورة حماية الطبقة الكادحة.
بيروت – عاد التوتر ليسود الشارع اللبناني مجددا مع بدء مجلس النواب، الثلاثاء، مناقشة موازنة العام 2019، التي تتضمن جملة من الإجراءات التقشفية ستنعكس بشكل مباشر على العديد من الفئات المجتمعية من بينهم المتقاعدون العسكريون، ولكن خبراء اقتصاد يرونها ضرورية وملحة على ضوء الأزمة الاقتصادية والضغوط الدولية التي تطالب بإصلاحات جوهرية.
وتستمر الجلسات على مدار 3 أيام، تتخللها مداخلات للنواب لا تخلو من شعارات الدفاع عن الطبقتين الكادحة والمهمشة، هدفها التسويق الداخلي بيد أن جميع المؤشرات توحي بأنه سيتم في النهاية إقرار الموازنة وتمريرها كما هي، حيث أن القوى الممثلة في الحكومة هي ذاتها في المجلس.
ونفّذ عسكريون لبنانيون متقاعدون، الثلاثاء، اعتصاما مؤقتا وسط العاصمة بيروت، تزامنا مع بدء مناقشة مشروع الموازنة، ورفع المحتجون شعارات تندد بالطبقة السياسية الحاكمة التي يحمّلونها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلاد، متهمين إياها بالسعي إلى إضعاف المؤسسة العسكرية وضرب معنويات منتسبيها.
شامل روكز: عصب تكتل لبنان القوي هو المؤسسة العسكرية
وكانت العاصمة بيروت قد شهدت في يونيو الماضي، اعتصاما مشابها من جانب عسكريين متقاعدين، للضغط باتجاه إسقاط بعض بنود الموازنة التي اعتبروا أنها تمس برواتبهم، وإحالة أي مشروع يتعلق بهم إلى رؤساء الأجهزة العسكرية برئاسة قيادة الجيش، وبمشاركة ممثلين عن العسكريين المتقاعدين.
ويعترض العسكريون المتقاعدون على فرض مشروع قانون الموازنة ضريبة دخل على التعويضات الإضافية، التي يحصل عليها العسكريون المتقاعدون، وعلى المادة 76 من مشروع قانون الموازنة، التي تمنع الإحالة على التقاعد في السنوات الثلاث المقبلة، إلا لمن بلغ السن القانونية للتقاعد.
كما يرفض العسكريون رفع نسبة بدل الطبابة التي يدفعونها في فترة الخدمة العسكرية من 6 بالمئة إلى 9 بالمئة أسوةً ببقية الموظفين في الإدارة العامة.
وكان عدد من أعضاء حراك العسكريين المتقاعدين بدؤوا بالتجمع في ساحة الشهداء منذ مساء الاثنين ونصبوا خيمة فيها، وأعلنوا البدء بإضراب عن الطعام حتى انتهاء المجلس النيابي من مناقشة الموازنة، وباتوا ليلتهم في الساحة.
وانضم الثلاثاء إليهم النائب عن تكتل لبنان القوي شامل روكز داعيا إلى “إسقاط المواد التي تنال من العسكر والقطاع العام بضريبة الدخل”.
ورفض روكز في تصريحات له التساؤلات حول ما إذا كان موقفه ينسجم مع كتلته قائلا “أنا أقول الكلام الذي أنا أريد قوله وعصب تكتل لبنان القوي هو العسكر”.
وشامل روكز هو عميد متقاعد بالجيش اللبناني وهو صهر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ولطالما تحدثت تسريبات إعلامية عن تنافس بينه ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي هو أيضا صهر للرئيس (تولى سابقا قيادة الجيش).
ويقول محللون إن انضمام روكز لحراك العسكريين يمكن قراءته ضمن عملية توزيع أدوار يقوم بها التيار الوطني الحر هدفها توجيه رسائل للرأي العام المحلي وللعسكريين بشكل خاص بأنه يقف في صفهم ويتبنّى مطالبهم، في المقابل فإنه أحد مهندسي مشروع الموازنة وبالتأكيد سيذهب نوابه في اتجاه المصادقة عليها، أسوة بباقي القوى السياسية.
ويقدر مشروع الموازنة اللبنانية مجمل النفقات المتوقعة في موازنة 2019، نحو 23.340 تريليون ليرة (15.56 مليار دولار)، ومجمل الإيرادات المالية تبلغ 19.16 تريليون ليرة (12.77 مليار دولار).
وبذلك، يكون مجمل العجز المالي قبل المنح الخارجية، يبلغ 2.79 مليار دولار.
وفي 2018، بلغ حجم موازنة لبنان 15.8 مليار دولار، مع عجز 4.8 مليارات دولار، وهو أقل من عجز موازنة 2017 بمقدار 145 مليون دولار. ووصف رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في وقت سابق، الموازنة، بالأكثر تقشفية في تاريخ البلاد، بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها.
لبنان: انتفاضة المتقاعدين لا تلقى صداها في أروقة البرلمان