كتبت باتريسيا جلاد في صحيفة “نداء الوطن”:
الأنظار كلّها شاخصة الى ما سيؤول اليه مجلس النواب في ما يتعلق بطرح رسم الـ 3 % على البضائع المستودرة الى لبنان والخاضعة للضريبة على القيمة المضافة. فهذا الرقم توافق عليه وزارات الاقتصاد والصناعة والمال على أن تستثنى منه المواد الصناعية الأولية والأدوية والسيارات الصديقة للبيئة، كل ذلك بحجة تخفيف العجز المالي وحماية الإنتاج الوطني. وفي هذا السياق علمت “نداء الوطن” من مصادر نيابية أن هناك توافقاً على اقرار نسبة الـ 3 % وستقرّ اليوم أو غداً .
طرح الـ 3 % جاء بعد أن لاقى عرض لجنة المال والموازنة فرض رسم 2 % على البضائع المستوردة، ردود فعل سلبية من الأحزاب السياسية لأنها ستطاول الطبقات غير الميسورة والمواد المستهلكة يومياً، من هنا عرضت تلك الأحزاب نسباً عالية تتراوح بين 7 و 8 و 10% على نحو 1400 سلعة.
ولكن في نهاية المطاف وبعد الإجتماعات الوزارية في السراي في نهاية الأسبوع الماضي يومي الخميس والجمعة تم تثبيت النسبة عند 3% على السلع الخاضعة للـضريبة على القيمة المضافة .
ففي حين يرى الصناعيون ان الرسوم الحمائية على المنتجات المحلية والمعمول بها في كل دول العالم من شأنها ان تحفّز الصناعة الوطنية وتزيد الناتج المحلي، يرى التجّار أن “التدابير الحمائية هي أسوأ خيار بل نوع من العنف الإقتصادي” كما قال لـ”نداء الوطن” رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس .
فجمعية التجار إستناداً الى شماس “تعي أهمية تعزيز واحتضان الصناعة الوطنية في لبنان ولكن نحن مع التدابير الهجومية وليس الدفاعية، من خلال دعم الطاقة، فوائد القروض، إعطاء اعفاءات جمركية على المواد الأولية، إعفاءات ضريبية، فتح أسواق جديدة، تحديد السلع التي لديها القدرة على التنافس وإزالة كل العوائق أمام التصدير اللوجيستي وغيره”.
والواقع أن هناك تدبيرين في ما يتعلق بالتجارة الخارجية مبنيين على واقعة اكيدة وهي العجز في ميزان المدفوعات عموماً والعجز التجاري خصوصاً.
من هنا أوضح شماس “أننا ندرك الخطر الذي يشكله العجز في ميزان المدفوعات بعد أن تضاءلت تحويلات اللبنانيين التي كانت تغطي العجز التجاري، معتبراً أن الحرب في سوريا كانت لها تداعيات سلبية على الصادرات اللبنانية التي تضاءلت بسبب اقفال المعابر وصعوبة نقلها الى العالم العربي”.
وبرأيه، “تزامن ذلك مع نزوح كثيف أدى الى زيادة الحاجات بدءاً من الطاقة الى المواد الإستهلاكية، فكبر العجز التجاري ووصلنا الى ما نحن عليه”. واستناداً الى علم الإقتصاد: كلما كبر عجز الموازنة كبر في المقابل العجز التجاري، الأمر الذي حصل في أواخر العام 2018 وامتد الى العام الجاري. من هنا يعتبر شماس أن الطريقة المثلى لتخفيض العجز التجاري هي من خلال خفض عجز الموازنة وبذلك نكون ضربنا عصفورين بحجر واحد.
وعن سبب معارضة جمعية تجار بيروت للرسوم على السلع المستوردة، قال شماس: “تلك الرسوم الحمائية لا يمكن أن تحقّق الغاية المنشودة وهي خفض العجز بقيمة 350 مليون ليرة، في ظل التهريب المستشري على المعابر والذي لا يجد السياسيون سبيلاً للحد منه”.
يضيف شماس “صحيح أن التدابير الحمائية تهدف الى رفع كلفة السلع المستوردة من الخارج ما يعطي فرصة المزاحمة للسلع المصنعة في الداخل، ولكن هذا الأمر “يضرب” التجار والمستهلكين”، واصفاً اياها بـ”أسوأ خيار وأنه نوع من العنف الإقتصادي لأن تلك التدابير الحمائية تخفض عملياً العرض والطلب بسبب ارتفاع الأسعار وتزيد التضخم والتهريب”.
التهريب المفتوح
وفي ما يتعلق بعملية ضبط التهريب اعتبر شماس ان “جمعية التجار تطالب دوماً بضبطه ولكن لا حياة لمن تنادي، من هنا فإن ارتفاع أسعار السلع سيساهم حتماً في تشجيع التهريب المفتوح الى لبنان. والدليل الحسي على ذلك ما حصل العام الماضي حين تم منع استيراد “الويفرز” من تركيا، التاجر المستورد المنضوي في الجمعية توقف عمله، أما السوبرماركات فاستمرت في بيع تلك السلع بسبب التهريب وبذلك لم تستفد لا الدولة من هذا القرار ولا حتى الصناعي اللبناني”. مشيراً الى أن التهريب المتمادي قد “يدمّر الإقتصاد اللبناني، لأنه يحرم الخزينة من ايراداتها ويؤذي التاجر ولا يعطي فرصاً للمصنع لتصريف انتاجه”.
وفي هذا السياق علمت “نداء الوطن” من مصادر نيابية أنه سيتم ضبط عمليات التهريب التي تحصل على الحدود تلقائياً. وعلى أمل تحقيق ذلك يبقى رسم الـ3 % موضوعاً متوافقاً عليه وواقعاً لا محالة .