كتبت ساسيليا دومط في “الجمهورية”:
تتزايد موضة اقتناء الكلاب في المنازل اللبنانية، فيتحوّلون إلى أفراد من العائلة. فمرتا مثلاً، لا تقبل بأي شكل من الأشكال، ولأيّ سبب كان، مغادرة منزلها لأكثر من ساعات معدودة، لأنها لا تقوى على ترك «بيللا» بمفردها، والملفت أنها عندما تتوجّه إليها بالحديث، تناديها بـ»ماما»، على الرغم من أنها أم لـ8 أولاد، إذا لم نذكر الأحفاد.
ما سرّ هذا التعلّق بالكلاب؟ لماذا تتزايد عادة تربية هذا الحيوان في مجتمعنا؟ ما هي الفوائد؟ وما الأضرار؟
تضفي الكلاب جواً إيجابياً ومرحاً على المنزل، وذلك من خلال تسليتها والتخفيف من شعورها بالوحدة. ومن المعروف أن الكلاب تحس بمشاعر أصحابها والظروف التي يمرون بها، فتدللهم وتداعبهم وتواسيهم في حال الإحباط والحزن، بينما تحاول البقاء إلى جانبهم ومساعدتهم في حالات الألم الجسدي. كما تربط الكلب علاقة عاطفية بالإنسان تشبه علاقته بباقي البشر.
فضلاً عن ذلك، يُبْعِد وجود الكلب في المنزل شبح القلق والتوتر والاكتئاب، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون الوحدة والفراغ والإهمال من قبل أولادهم وأصدقائهم، وبالتالي من غياب الحب والاهتمام والرعاية. فيُشعِرهم الكلب بحبه غير المتناهي وغير المشروط. كما يُعتَبَر وجود هذا الحيوان مفيداً للأشخاص الذين تعيقهم مشاكل جسدية عن الخروج والتحرك بحرية.
ويعتبر الكلب مخففاً للحزن في أوقات الفقدان، فهو يعزّي من خسر أباً أو أماً أو زوجاً أو زوجة، ويعطيه الشعور بالأمان والحنان والصدق. ولا بد من أن نلاحظ أنّ من يربّي كلباً يتحاور معه ويشكو له همومه ومشاكله. كما ينصح بعض الأخصائيين بتبنّي كلب لمرافقة الأطفال الذين لا أخوة لديهم.
منذ حوالى السنتين تقريباً، ذهب رجل للمشي على الثلج في منطقة جبلية بعيدة خلال فصل الشتاء، برفقة كلبه؛ وفجأة وقع الرجل الخمسيني وكسر ساقه، ما أعجَزه عن المشي، وصدف أن اشتدّت العاصفة، وبدأ الوضع يزداد سوءاً. يروي الرجل أنه خاف من البقاء وحيداً عندما بدأ الكلب يجري بسرعة كبيرة، إلا أنّ المفاجأة كانت برجوعه بعد دقائق برفقة شبّان من تلك المنطقة، حيث قدموا له العون وأوصلوه إلى المستشفى. منذ ذلك اليوم والرجل مولَع بكلبه ويخبر كل من يقابله أنه بفضله هو اليوم على قيد الحياة.
إلى جانب ذلك، هناك تأثير إيجابي لوجود الكلاب في المنازل مع الأطفال، فهو يعوّض عن وجود الرفاق والأهل، كما أنه يشعرهم بأنهم مرغوبون ومحبوبون. ويساعد ذلك في نمو الأطفال وتطورهم المعرفي والعاطفي والسلوكي.
مهما كان عمرنا ومرحلة حياتنا، أأطفالاً كنّا، مراهقين، شباباً أو مسنّين، نحن نجد السعادة في وجود الكلب الأليف والصديق، وهو يؤثر بشكل إيجابي على صحتنا النفسية والجسدية، فينخفض مستوى ضغط الدم، وتتباطأ ضربات القلب، وينتظم التنفّس وتهدأ العضلات، وكلّ ذلك مؤشر لانخفاض مستوى التوتّر لدينا.
في الحقيقة، لتربية الكلاب الأليفة أثر العلاج النفسي، فهو يساهم في رفع مستوى الرضا عن الذات وتقدير النفس، كما يساهم في انفتاحنا على الآخر، ويخفّف من شعورنا بالخوف والقلق، ونعتاد من خلاله على أمور وعادات صحية، كالمشي والركض واللجوء إلى الطبيعة. لذا، رحّبوا بالكلاب من أجل صحتكم وصحة أطفالكم النفسية والجسدية والمعرفية والإجتماعية.