في كل قضية أو مشكلة تثار مع الفلسطينيين نجد مجموعات من اللبنانيين تقف إلى جانبهم لمساندتهم في وجه الدولة اللبنانية لأسباب طائفية أو لأهداف سياسية أو نكاية بفريق من اللبنانيين.
في عز أيام منظمة التحرير الفلسطينية وقوتها العسكرية وجبروتها السياسي، وُجدت مجموعة من اللبنانيين رفضت واقع قيام دولة ضمن الدولة، ورفع هؤلاء الصوت محذرين من الممارسات الفلسطينية وتكريسها على الأرض مع فتح لاند في منطقة العرقوب في الجنوب اللبناني وفي اتفاق القاهرة لتشمل معظم الأراضي اللبنانية مؤثرة ومتدخلة في كل نواحي السياسة اللبنانية، فارتفعت أصوات مجموعات أخرى من اللبنانيين مدافعة عن هذه الممارسات ونتائجها الكارثية تحت شعار الحفاظ على الثورة وتحرير فلسطين، حتى أن هؤلاء وقفوا إلى جانب المسلحين الفلسطينيين في مواجهة الجيش اللبناني.
هذا الواقع استمر طوال سنوات الحرب وصولا إلى الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982 حيث دفع الفلسطينيون واللبنانيون ثمنا كبيرا كان من ضمنه مجزرة صبرا وشاتيلا، وخروج منظمة التحرير وعلى رأسها ياسر عرفات الذي عاد لاحقا إلى طرابلس في شمال لبنان ليخوض حربا مع جيش النظام السوري وحلفاء له من لبنانيين وفلسطينيين كانوا قبل الاجتياح يقاتلون ويدافعون إلى جانب وعن عرفات.
لقد شارك الفلسطينيون الموالون لسوريا في حرب الجبل ومعاركها الكثيرة، كما شاركوا في معارك إقليم الخروب وشرق صيدا مساهمين في تهجير مجموعات من اللبنانيين، ولا ننسى حرب المخيمات بين الفلسطينيين وحركة أمل وكان مسرحها الضاحية الجنوبية لبيروت وبلدة مغدوشة الجنوبية التي شهدت كرا وفرا بين الجانبين فدفع أهلها الثمن.
في الصراعات مع الفلسطينيين أيضا وُجد من يقول إن مخيم نهر البارد هو خط أحمر رغم أن الصدام كان بين الجيش اللبناني وحفنة من الإرهابيين الذين يقودهم شاكر العبسي، وهو كما رددت المعلومات كان مرتبطا بالمخابرات السورية من خلال انتمائه إلى “فتح الانتفاضة”.
وانطلاقا من هذا الواقع علينا ألا نغفل الحديث عن الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان، مع تسجيل إيجابية لدى السلطة الفلسطينية تتعلق بالسلاح في المخيمات واستعدادها للمناقشة والبحث واتخاذ التدابير، ولكن المشكلة تبقى في السلاح الفلسطيني خارج المخيمات والتابع لـ”الجبهة الشعبية-القيادة العامة” الموالية للنظام السوري وحلفائه في لبنان. والسؤال هنا ما هي وظيفة هذا السلاح وهذه القواعد المسلحة؟ فقاعدة الناعمة تقع مثلا على بعد كليومترات قليلة من بيروت ومطارها وتتحكم بالطريق الرئيسي بين العاصمة والجنوب، وتستولي على أراض لمواطنين لبنانيين وتخلق توترات مع سكان المحيط، فهل يعقل أن تبقى الدولة اللبنانية متغاضية عن هذا الوجود في وقت يرفع بعض من فيها الصوت اعتراضا على المساعدات الأميركية والحضور الأميركي لدعم الجيش اللبناني؟
في لبنان لن تنتهي المشاكل مع الفلسطينيين سوى إما بعودتهم إلى فلسطين المحتلة، وإما بقيام دولة يحترمونها وتحترم حقوقهم وهذا ما قام به وزير العمل كميل أبو سليمان. وإذا كان يمكن ليُضرب تفهم رد فعل بعض الفلسطينيين لأنهم لم يعتادوا على من يطبق القوانين بحقهم وبحق اللبنانيين، إنما ما لا يمكن فهمه هو رد فعل بعض اللبنانيين ضد وزير العمل وسكوت البعض الآخر رغم أنهم مزقوا آذان اللبنانيين برفع شعارات حبهم للبنان واللبنانيين ومصالحهم وضرورة قيام دولة فعلية تطبق القوانين.