كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:
راوحت الازمة التي اندلعت بين وزارة العمل اللبنانية بشأن المؤسسات والعمال الفلسطينيين في لبنان، مكانها مع مؤشرات ايجابية بامكانية ان تصل الى خواتيمها وفق “تسوية” باحتمالين، عودة الأمور إلى ما كانت عليه، أو إعفاء الفلسطيني من التسجيل في الضمان الاجتماعي مقابل حصولهم على اجازة عمل في اطار خطة الوزارة تنظيم العمالة الاجنبية. وشهدت الازمة:
أولاً: طلب رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال مناقشة موازنة العام 2019 تحت قبة البرلمان، وعلى الهواء مباشرة، من رئيس الحكومة سعد الحريري، إلغاء القرار والعودة الى الوضع السابق، حيث احال الرئيس الحريري الامر على مجلس الوزراء كي لا يتحمل وزير العمل كميل ابو سليمان تداعياته وحيداً.
ثانياً: اعلان وزير العمل من مجلس النواب، “أننا لا نريد ان نزيد من معاناة الفلسطينيين، لذلك نحاول تسهيل معاملاتهم”، مضيفاً: “سنستكمل خطة الوزارة، لكن قمنا ببعض التعديلات والإجراءات لتسهيل الأمور (عدم الانتساب الى الضمان الاجتماعي، لكن الحصول على اجازة عمل مجانية)”، مشددا على أنه “ليس هناك أي قرار بحق الفلسطينيين، ولا أفهم الإحتجاجات التي تحصل وبالعكس نحن نقوم بخلق فرص عمل لهم”.
ثالثاً: دخول رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع على الخط، مؤكداً “ان التحركات التي تجري في المخيمات خلفيتها سياسية بحتة، إذ ان بعض القوى الفلسطينية كـ “حماس” وأخرى لبنانية كـ “حزب الله” يقومون بتصوير قرار وزير العمل للشارع الفلسطيني على غير حقيقته”.
رابعاً: وصول عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”، المشرف على الساحة اللبنانية، عزام الأحمد، الى بيروت موفداً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس “ابو مازن”، للمعالجة وفق حوار هادئ يقطع الطريق على أي مضاعفات أو محاولات لإستغلال الأزمة، كما تستغل أحيانا المخيمات من قوى اقليمية وتجاذبات محلية للإساءة الى السلم الأهلي، وفق ما قال الاحمد أثر لقائه النائبة بهية الحريري.
والتقى الاحمد يرافقه سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور وأمين سر “فتح” في لبنان فتحي أبو العردات كلا من رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، في السراي الحكومي، في حضور رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الوزير السابق حسن منيمنة، وقائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون، ومدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد الركن انطوان منصور، والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، حيث جرى بحث ثلاث قضايا:
الأولى: ازمة العمال الفلسطينيين وسبل تسوية القضية.
الثانية: اوضاع المخيمات الامنية، وتعزيز التنسيق وتطوير التعاون المشترك في حفظ الامن والاستقرار من أجل قطع الطريق على أي جهة تريد استغلال التحرك الشعبي داخلها.
الثالثة: المزيد من التسهيلات والسماح بدخول مواد البناء الى المخيمات الفلسطينية لتغطية الاحتياجات اللازمة لترميم المنازل.
عزّام الأحمد
وفي محصلة اللقاءات، قال الأحمد: “لا أزمة بين فلسطين ولبنان، ولن تكون هناك أزمة، إنها قضية عابرة تحل بالحوار، كما قال الرئيس “أبو مازن”، وهذا ما أبلغناه للمسؤولين اللبنانيين الذين التقينا بهم”.
أضاف: “الزيارة تأتي مرافقة لما قام به السفير أشرف دبور باسم دولة فلسطين، من أجل محاصرة ما حصل في مهده، وعدم إفساح المجال أمام أي كان لاستغلاله والإساءة إلى العلاقات الفلسطينية – اللبنانية. وبالحوار فقط، نحل أي إشكالية تحصل بوضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وذلك إثر الإجراءات التي بدأت وزارة العمل القيام بها لتطبيق قانون العمل اللبناني، ومن حق لبنان أن يطبق قانونه”.
وأكد الاحمد ما قاله الرئيس “أبو مازن”: “نعم نحن ضيوف في لبنان، على الشعب اللبناني الشقيق، ونقدر هذه الضيافة، ونحن تحت سقف القانون اللبناني، ولا نريد قوانين خاصة بنا إطلاقاً، ولا نريد من أي طرف كان، لا فلسطيني ولا لبناني، وأبعد من ذلك، علينا أن نكون موحدين كفلسطينيين ولبنانيين، كما توحدنا في المحافظة على أمن واستقرار المخيمات الفلسطينية، وكم حاولت قوى إرهابية أن تخترق المخيمات وتستخدمها للاساءة إلى السلم الأهلي في لبنان، فنجحنا في اجتثاث هذه المحاولات، فإن المشكلة تحل أيضا بالحوار”.
أضاف: “علينا ألا نقبل بأي محاولة استغلال لهذه الإشكالية وحرفها عن مسارها لأغراض أخرى لا علاقة لها بالموضوع. لذلك، كان هناك تفاهم مشترك، خصوصاً بعدما أبلغنا الرئيس الحريري، قبل لحظات، أن الأمور أعيدت إلى الحكومة لاستكمال ما تراه مناسباً، بحسب ما أعلنه الوزير داخل مجلس النواب، لأنها مسؤولية الحكومة وليست مسؤولية وزارة بعينها، وهذا معمول به في كل أنحاء العالم. وبالتالي الحكومة اللبنانية هي التي ستقر أي مراسيم وأنظمة وإجراءات وقرارات تتعلق بكيفية التعامل مع تطبيق القوانين اللبنانية ونحن تحت سقف القانون”.
ميدانياً، لليوم الرابع على التوالي، عمّ الإضراب الشامل مخيم عين الحلوة، وسط إقفال كامل للمداخل الرئيسية وإحراق الإطارات، والامتناع عن ادخال المواد الغذائية والتموينية، وقد تميّز بوقفات احتجاجيّة متنقّلة بين مدخل وآخر، وسط حرص على ضبط سلميّة التحركات الاحتجاجيّة وإصرار على استمرارها، “حتّى تراجع الوزير أبو سليمان عن قراره”، وعن البحث باتجاه وقف حرق الاطارات واستبدالها بنصب خيام ثابتة عند المداخل منعاً للأضرار البيئية، وقيام اطفال بتوزيع الورود على عناصر الجيش على حواجز مخيم عين الحلوة، تعبيراً عن التآخي الفلسطيني اللبناني، وبأن الاحتجاجات لا تستهدف الجيش اللبناني أو القوى الامنية، والمشكلة محصورة بقرار وزارة العمل، وان الاحتجاجات تأخذ طابعها السلمي والحضاري من دون الاساءة الى الجوار اللبناني.