فيما يُصرّ رئيس الحكومة سعد الحريري على عقد جلسة للحكومة يوم الخميس المقبل، لم تثمر الاتصالات السياسية أي مبادرة أو وساطة من شأنها الوصول الى تسوية في ملف حادثة «قبرشمون». وفيما أكدت مصادر سياسية أن ذلك لا يمنع من انعقاد مجلس الوزراء، إلا أن انعقاده سيزيد التوتر في البلاد.
رُغم مضيّ أكثر من 3 أسابيع على جريمة قبرشمون، لا تزال الحكومة أسيرة هذا الملف نتيجة الانقسام العميق حول آلية الحل للخروج من الأزمة. النائب طلال أرسلان ومن خلفه «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» يُطالبون بإحالته الى المجلس العدلي، باعتبار أن ما حدث كان محاولة لاغتيال الوزير صالح الغريب، فيما يستمر زعيم الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، مدعوماً من رئيس الحكومة سعد الحريري، في إصراره على انتظار نتائج التحقيقات كي تحدد الوجهة القضائية بالتوازي مع الحركة السياسية التي تواكبها. وبالرغم من كل الاتصالات والمشاورات التي يجريها المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم مع المعنيين، لم يتحرك الملف باتجاه الحل، ولا يزال عالقاً عند هذه النقطة. وفيما بدا هذا الملف في اليومين الماضيين وكأنه على موعد مع اختراق بعد إحالة التحقيق على المحكمة العسكرية، وإصرار الحريري على عقد جلسة يوم الخميس المقبل، الا أن المعطيات الأخيرة تؤكّد «أننا ما زلنا في المربع الأول»، بحسَب ما أفادت مصادر سياسية مطلعة.
فرغم حركة رئيس الحكومة يومَ أمس، ولقاءاته بوزراء من الفريقين المتنازعين، أكدت المصادر أن «لا جديد، بل على العكس، فإن إصرار الحريري على عقد جلسة هذا الأسبوع يُمكن أن ينقلنا الى مستوى غير مسبوق من التشنّج». وقالت المصادر إن «جنبلاط والحريري هما أكثر تصلباً من ذي قبل، ومن غير المفهوم السبب الذي يقف خلف موقفهما المتصلب»، معتبرة أن «إصرار أرسلان على موضوع المجلس العدلي لا يحول دون عقد جلسة حكومية، لكن انعقادها من دون تسوية يعني أن الجلسة ستشهد معركة كبيرة»، خصوصاً أن «الوزير صالح الغريب سيطرح مسألة إحالة الملف على العدلي، ما قد يوتّر الأجواء بشكل كبير». الغريب الذي التقى أمس رئيس الحكومة أعلن أن «الحريري يقوم بمجموعة اتصالات لتقريب وجهات النظر»، مشدداً على «أننا منفتحون على مناقشة المخارج اللائقة لهذا الأمر». وأشار الى أن «الحريري مع التوافق على الحلول ونحن كذلك، وفي نهاية المطاف هناك حكومة تقرر»، مشدّداً على «أننا مصرّون على طرح هذا الموضوع على المجلس العدلي، وهذا حقنا، وهناك مساع لتدوير بعض الزوايا».
وفيما فسّر البعض كلام الغريب بأنه مؤشر لحل، أكدت مصادر الديمقراطي أن «لا حسم في هذا الموضوع، وأن إحالة الملف الى المحكمة العسكرية لا يعني سقوط مطلب الحزب بإحالة الملف الى العدلي، بل هو متمسك به أكثر من أي وقت مضى. وهذه الإحالة الى المحكمة هي مسار تلقائي بعد انتهاء التحقيقات».
من جهة أخرى، عقدت لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات جلسة ظهر أمس برئاسة النائب سمير الجسر وفي حضور وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب. إثر الجلسة قال بو صعب إن «اللجنة طلبت مني الحضور من اجل السؤال عن ملف كنت قد حوّلته عبر وزير العدل الى الجهات المختصة لاتخاذ القرار المناسب فيه، وهو ملف قديم قبل أن أتسلم وزارة الدفاع. وهذه الجلسة هي من أجل إطلاع لجنة الدفاع، رئيساً وأعضاء، على المعطيات الحقيقية التي على أساسها حركت الملف وأحلته على وزارة العدل، وليست جلسة استماع أو استجواب لوزير الدفاع».
وبحسب المعلومات، أتى استدعاء وزير الدفاع بعد «إحالته ملفاً يتضمن دفع رشى لإدخال أشخاص الى المدرسة الحربية الى وزير العدل، بسبب شعوره بأن قضاةً في المحكمة العسكرية تساهلوا مع المتهمين، ومن بينهم ضابط محسوب على تيار المستقبل». وأحد القاضيين اللذين طلب بو صعب إحالتهما على التفتيش هو معاون مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني حلمي الحجار، الذي يحظى بغطاء تيار المستقبل. وردّ التيار الأزرق بطلب استجواب بو صعب في اللجنة النيابية. وأشار أكثر من عضو في اللجنة إلى أن «بو صعب أكد خلال الجلسة ما أعلنه في مؤتمر صحافي عن أن الإحالة أتت بعد أن أثبتت التقارير أن حركة الحسابات المصرفية للمتهم الأساسي في القضية وصلت الى 19 مليون دولار في السنوات الماضية بشكل غير مبرر». ولفت هؤلاء الى أن عدد من أعضاء اللجنة اعتبروا أن استدعاء وزير الدفاع لسؤاله عن هذا الأمر غير مبرر، فليس هناك من مخالفة قام بها، فيما أكد الوزير أن ما قام به يدخل ضمن صلاحياته.