تُسجل لوزير العمل كميل أبو سليمان جرأته في الإقدام على وضع يده، ومن ورائها يد الدولة بطبيعة الحال، على ملف يعتبر من الأكثر سخونة في الصورة المحلية: العمالة الأجنبية في لبنان بما فيها تلك الفلسطينية في حمأة الصراعات الفلسطينية- الفلسطينية.
وإذا كان أبو سليمان يغتنم فرصة بلوغه موقعه الحكومي ليطبق قانون العمل اللبناني من دون أي استهداف مقصود للعمال الفلسطينيين، على ما أكده الوزير بنفسه مرارا، فإن حجم الاحتجاج على قراره من الجانب الفلسطيني يبدو غير مبرر لاسيما في ضوء المواقف التي تطلقها القيادات الفلسطينية الداعية إلى تغليب لغة الحوار والمنطق، وهي التي ينخرط بعضها في حوار مفتوح مع وزير العمل وسواه من المسؤولين المعنيين بالملف.
وفي وقت أعطت الصورة التي خلفها اعتراض رئيس مجلس النواب نبيه بري على إجراءات خطة أبو سليمان، علما أنه كان أعطى إشارة انطلاق العمل بتطبيقها منذ شهر أيار الفائت، انطباعا يفيد بأن الوزير القواتي ترك وحيدا في حلبة المواجهة لتأمين تنفيذ التوجه الرسمي للدولة اللبنانية صونا لهيبتها، بدا الرئيس الفلسطيني محمود عباس مدركا لخطورة انفجار الوضع في المخيمات الفلسطينية غير المنزوعة السلاح حتى اللحظة- من بوابة الظلم الاجتماعي لتتحول ساحة لتمرير الرسائل الإقليمية وتلك الفلسطينية- الفلسطينية.
وفي هذه الخانة، يدرج اللقاء الذي جمع يوم الخميس الفائت رئيس الحكومة سعد الحريري ومسؤول الملف اللبناني في حركة “فتح” عزام الأحمد وقد ذهب الأخير بعيدا في إعلان تأييد خطوة أبو سليمان إلى حد تأكيد “حق لبنان في تطبيق قوانينه”، مؤكدأ أننا “ضيوف في لبنان ولا نريد قوانين خاصة بنا، وهو ما كان من المفترض أن يساهم في تثبيت مناخات التهدئة. غير أن أصواتا فلسطينية ارتفعت في المقابل للتعبير عن استمرار التصعيد إلى حين “التراجع عن قرار وزير العمل”، خصوصا بين صفوف حركة حماس التي زار وفد منها العاصمة الايرانية طهران أخيرا”.
تبعا لهذه الصورة، تدعو مصادر مراقبة عبر “المركزية” إلى “عدم حصر قرارات وزير العمل وتداعياتها الميدانية والسياسية بالإصرار على تطبيق قانون العمل اللبناني وتنظيم العمالة الأجنبية في لبنان”، مشددة على أن “قراءة بين السطور للمستجدات التي شهدها هذا الملف أخيرا تتيح القول إن جهات محسوبة بين الدائرين في الفلك السوري- الايراني تعمل على استخدام ورقة المخيمات الفلسطينية في سياق المواجهة التي يخوضها في مواجهة المناوئين له”.
وتنبه المصادر إلى أن “لا يجوز أن يسقط من حسابات أحد انتماء أبو سليمان إلى الكتلة الوزارية القواتية، علما أن ذلك ليس السبب الوحيد في الحرب الضروس التي يشنها بعض القيادات على خطة أبو سليمان”، معتبرة أن “على الفلسطينيين التحلي بما يكفي من الحكمة لإبعاد كأس الانقسام عنهم وملاقاة وزير العمل إلى منتصف الطريق، “ليقتنعوا بأن الخطة تصب في مصلحتهم، لا ضدهم، كما أعلن في أكثر من لقاء صحافي، علهم يبعدون بذلك شبح استخدام المخيمات الفلسطينية في لبنان صندوق بريد لتمرير رسائل نارية لا تحمد عقباها”.