إذا صحت المعلومات التي تحدثت عن توجه لدى رئيس الحكومة سعد الحريري لتوجيه دعوة لجلسة لمجلس الوزراء خلال 48 ساعة، على أن تعُقد نهاية الأسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل، فإن ذلك يقود إلى استنتاج من اثنين: إما أن اتصالات تطويق ذيول حادثة “البساتين” انتعشت من جديد بعد أن تعثّرت بقوة في الساعات الماضية أو أن الرّجل قرر وضع الجميع أمام مسؤولياتهم، كون تعطيل الحكومة لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، “وليتحمّل من يريد زجّ البلاد في خندق “البساتين”، تبعات أفعاله وكلفة تطيير الحكومة في هذه الظروف الدقيقة والهشة التي يمرّ فيها لبنان”.
وتعتبر مصادر سياسية سيادية عبر “المركزية” أن “اتخاذ الحريري الموقف “النوعي” هذا، والذي ينتقل فيه من موقع الدفاع والتفاوض والمسايرة، إلى موقع “الهجوم”، بات ضروريا لمحاصرة الحصار الذي بات واضحا أن بعض الجهات تحاول فرضه على الحكومة”.
فعودة التصعيد إلى لهجة رئيس الحزب “الديموقراطي” النائب طلال أرسلان، والذي اعتبرته أوساط السراي “غير مبرّر”، وإصرارُه على مطلب تحويل ملف البساتين إلى المجلس العدلي وعلى طرحه في الحكومة ولو من خلال التصويت، يدلان إلى أن ثمة قرارا “كبيرا” متخذا بمنع انعقاد مجلس الوزراء في الوقت الراهن أو بنسف الحكومة من الداخل بفعل إثارة موضوع بهذا الحجم على طاولتها لأنه وإذا كان المطلوب إحقاق الحق في “حوادث الجبل”، فذلك ممكن عبر الأطر القانونية والقضائية ولا حاجة لإقحام الحكومة في أتونه.
وعليه، لا بد للرئيس الحريري من التحرّك في خطوة مضادة، تضع الكل “في بيت اليك”، وتكشف حقيقة نيات كل الأطراف للرأي العام اللبناني. أما الاستسلام للأمر الواقع الذي يحاول بعض القوى فرضه فيخدم غرض هؤلاء ويضرّ بالمصلحة الوطنية العليا.
والحال أن رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط كان سأل في تغريدة صباحية عبر “تويتر”: “ماذا تريد الممانعة من الحكومة ومن لبنان؟ التعطيل الكامل يبدو والشلل الكامل وتحطيم القضاء على طريقة الجريصاتيات وتنصيب محاكم عرفية. غريب هذا النهج العبثي لكن لا عجب فهم يعيشون في عالمهم المعزول المغلق ويتصورون المؤامرات في كل مكان. على أي حال الله يهديهم لطريق الصواب والمنطق”. من جهته، رأى النائب السابق مروان حمادة أنّ “العوائق تتجاوز حادثة البساتين لتصل إلى دمشق وطهران، الأولى تريد الثأر من وليد جنبلاط والثانية تريد أن تَقتصّ منه، علما أنّ الحصار ليس على وليد فقط، بل على سعد الحريري أيضا”.
وبحسب المصادر، “ما لم يتحرّك “حزب الله” لتليين موقف أرسلان المتشدد، وإذا ما جدد الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في كلمته المنتظرة الجمعة، دعمه لخلدة في توجّهاتها مكتفيا بمساندتها في ما تريد، لا أكثر، فإن تموضع الضاحية هذا سيبدو أشبه بتثبيت للشكوك المتزايدة من أن يكون أسر مجلس الوزراء مطلبا خارجيا عابرا للحدود يتلطّى خلف مسألة “البساتين”، فيما هدفه الحقيقي “تطويع” الرئيس الحريري من جهة وتطويق القوى السيادية من جهة ثانية وأوّلها الحزب “التقدمي الاشتراكي”. أما إظهار العكس، فيكون بذهاب الجميع إلى مجلس الوزراء والانكباب على الملفات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية الداهمة لمعالجتها وترك القضاء يقول كلمته في قضية البساتين…