كتبت مريم سيف الدين في “نداء الوطن”:
بعد مرور نحو 11 يوماً على تهديده بإقفال مطمر الكوستابرافا، نفّذ رئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية محمد ضرغام تهديده، وأعلن في مؤتمر صحافي عقده أمس عن إقفال المطمر وكذلك معمل الفرز في العمروسية بدءاً من اليوم، أمام النفايات المحمّلة من مناطق مختلفة، على أن يستمر في استقبال نفايات الضاحية الجنوبية والشويفات. بينما رأى الحزب “الاشتراكي” في القرار استكمالاً للمعركة بين رئيس الحزب وليد جنبلاط و”حزب الله”، وفق ما أكده صلاح تقي الدين مستشار الوزير أكرم شهيب لـ”نداء الوطن”. ملوّحاً برد ستتخذه قيادة “الحزب الاشتراكي” لمواجهة هذا القرار.
واعتبر تقي الدين أن القرار “لا يستهدف جنبلاط وحده، وإنما يستهدف أيضاً جبهة سياسية كاملة متكاملة، فجهاد العرب هو متعهد المطمر ما يعني أن القرار يستهدف الرئيس سعد الحريري أيضاً، فهل يستطيعون تحمل ذلك؟”. ويشير تقي الدين إلى أن “مناطق الضاحية ستمتلئ أيضاً بالنفايات، ففي حال تم إقفال المطمر في وجه نفايات المناطق الأخرى سيقفل المعنيون الطريق إلى المطمر ما يعني إقفاله بالكامل. فهذا النوع من الاستفزاز يستدعي رداً كهذا”. وأكد أن القيادة السياسية ستتخذ قرار المواجهة، لافتاً إلى اعتراضات شعبية قد تصحبها.
وتعزز كلام تقي الدين معلومات مصادر معنية تفيد بأن المطمر غير مهدد بالامتلاء قبل سنة ونصف السنة، “فالموضوع سياسي لا بيئياً”. فيما تربط مصادر أخرى القرار بحادثة قبرشمون وما سبقها من خلافات بين رئيس “الحزب الاشتراكي” و”حزب الله” ممثلاً باتحاد بلديات الضاحية الجنوبية لبيروت. وترى أن الأخير يستخدم ملف النفايات للتضييق على جنبلاط.
يتقاطع موقف النائب عن منطقة الشوف وعاليه محمد الحجار مع رأي تقي الدين. إذ يرى الحجار أن في قرار ضرغام استهدافاً لـ”تيار المستقبل”، ويعتبر أن “وضع جنبلاط أفضل من وضعهم، فهو لديه حل لمشكلة النفايات في مناطقه ولديه مطمر بينما نحن في الاقليم ليس لدينا مطمر أو معمل لمعالجة نفاياتنا”. ويلفت إلى أنه “عرض المشكلة في اجتماع كتلة المستقبل وأطلع الحريري عليها”، مؤكداً أنه “لن يتفاوض مع جهة سياسية لحل المشكلة، فهذه مهمة الدولة”. وإذ طلب الحجار من ضرغام إعادة النظر بقراره، أكد أن “البلديات لا تملك الامكانات لايجاد حلول لأزمة النفايات”، محملاً الحكومة ووزير البيئة “مسؤولية إيجاد حل لهذه المشكلة”. وطرح الحجار علامات استفهام كبيرة على توقيت القرار المتخذ خلال الصيف، وبعد مدة قصيرة من حادثة قبر شمون ومشكلة الفلسطينيين، وكأن أحداً يريد تعطيل كل محاولات انقاذ السياحة.
وفي الوقت الذي يتخوف فيه المعنيون من أزمة نفايات في مناطق الجبل، لا يبدو أن بلدية بيروت قلقة حتى الآن من قرار اقفال مطمر الكوستابرافا في وجه نفاياتها. وتنقل مصادر معنية بملف نفايات بيروت لـ”نداء الوطن” أن لدى البلدية والمحافظة خطة طارئة كانتا قد وضعتاها لمواجهة قرار كهذا. وهناك حديث عن عقد جديد لمعالجة 200 طن من النفايات يومياً مع جهة أخرى.
من جهته أكد ضرغام لـ”نداء الوطن” أن قراره نهائي ووزعت الآليات كافة لتنفيذه. وعلى الرغم من تأكيد ضرغام أن المطمر، وفي حال استمراره بعمله المعتاد، لن يمتلئ قبل سنة و8 أشهر، يبرر قراره بأنه يعمل على إطالة أمد القدرة الاستيعابية للمطمر. إذ يتخوف ضرغام من أن تواجه الضاحية أزمة نفايات بعد امتلاء المطمر. وينفي رئيس اتحاد بلديات الضاحية أن يكون الدافع لاتخاذ قراره سياسياً، ويلوم الدولة على عدم اتخاذ قرار بإنشاء مطمر صحي في مناطق أخرى، متسلحاً، للدفاع عن موقفه، بأن الحكومة كانت قد وعدت بأن يكون المطمر موقتاً.
واعتبر أن البلديات الأخرى مرتاحة من مسؤولية التخلص من نفاياتها التي ترميها في مطمر الكوستا برافا، ودعا الدولة إلى إيجاد حل منطقي. كما طلب من الجميع قراءة رسالته بإيجابية: “ما فعلناه إيجابي فلم تعد المشكلة عندنا وحدنا بل أصبحت لدى الجميع، وأصبح الجميع مجبراً على البحث عن حل جدي علمي من دون الرجوع إلى السياسة. فأي بلدية يمكن أن يكون لديها مطمر صحي 100%”. وأشار ضرغام إلى أنه ارسل الرسائل إلى المعنيين منذ نهاية العام 2018 وهم يستخفون بها.
وفي تغريدة له رأى الوزير السابق وئام وهاب في كلام ضرغام “بلطجة غير مقبولة”، وأن “الطمر في الشويفات وليس في أملاك السيد ضرغام وإذا كان المطمر سيقفل بوجهنا لِمَ لا يُقفل في وجه الجميع؟”. فهل سيقف وهاب إلى جانب “الاشتراكي” في حال قرر إقفال المطمر بوجه من أقفله بوجهه، خصوصاً أنه لوحظ صمت حزب النائب طلال إرسلان على القرار حتى ساعات مساء أمس.