كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
يكاد الأسبوع الثالث ينقضي من دون توجيه دعوة لعقد جلسة مجلس الوزراء ما يعني ان لا جلسة هذا الاسبوع، في وقت تتحدث مصادر بيت الوسط عن 48 ساعة حاسمة.
لا يملك اي طرف الإجابة على سؤال مصير الحكومة. يصر الرئيس سعد الحريري ومعه رئيس “الحزب الاشتراكي” على رفض جلسة يطرح على جدول اعمالها المجلس العدلي في بعبدا او السراي. ظن رئيس الجمهورية ميشال عون ومعه وزير الخارجية جبران باسيل ان عرض المجلس العدلي من خارج الجدول يضع الحريري امام الامر الواقع، فأوفد الحريري الى القصر غطاس خوري مبلغاً: الحريري سيخرج من اي جلسة يطرح خلالها “العدلي”.
شعر عون بخطورة الموقف، اقترح احالة الملف الى المحكمة العسكرية وكلف الوزير سليم جريصاتي وضع الاطار القانوني للصيغة.
وافق الحريري وظن ان الموضوع عولج، وارتضى “الاشتراكي” بالاقتراح بداية. وبينما كان الافرقاء المعنيون يعملون على انضاج الاقتراح – المخرج، استدعى عون المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم على عجل ليبلغه بعد التشاور مع باسيل العدول عن اقتراح المحكمة العسكرية والذي كان في الاساس اقتراح الرئيس نبيه بري.
راهن الحريري على ان عون كما “حزب الله” يريدان استمرار عمل الحكومة وسيضغطان على الوزير طلال ارسلان ولكنه اصطدم باصرار الاخير ما دفعه الى العدول عن عقد الجلسة. في هذا الوقت تنبه “الاشتراكي” الى ان “العسكرية” تعني التفافاً على “العدلي” بصيغة لا تقل سوءاً مع وجود مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بيتر جرمانوس المحسوب على عون ورئيس المحكمة العسكرية القاضي حسين عبد الله الاقرب الى الثامن من آذار فرفض اقتراح الاحالة.
تراجع اقتراح “العسكرية” مقابل الاصرار على “العدلي”، حينذاك ابلغ الحريري وزير “الاشتراكي” وائل ابو فاعور و”الديمقراطي” صالح الغريب بان السير بحكومة مع مجلس عدلي غير ممكن.
حشر ارسلان “حزب الله”، يرغب عون في عودة الحكومة الى العمل لكنه بات محرجاً بتعنت أرسلان، ومثله تماما “حزب الله” لكن لماذا يمنح ورقة رابحة لجنبلاط من دون مقابل؟ وليس بعيدا عنهما الرئيس بري ولو انه لا يريد كسر جنبلاط، ولا توتير علاقته مع “حزب الله” في حال امتنع عن التصويت على المجلس العدلي.
كل الافرقاء صعدوا الى شجرة تبيّن انها عالية، ويريدون من عباس ابراهيم ان يكون السلم الذي يؤمن لهم نزولا آمناً ولكنه لا يبدو كافياً لغاية اليوم.
اجواء بعبدا
بالنسبة الى قصر بعبدا، اصبحت الوقائع معروفة. لا يريد الحريري طرح موضوع قبرشمون في الجلسة فيما يصر الفريق الآخر على طرحه. اعتمدت المحكمة العسكرية كمخرج رفضه أرسلان مصراً على “العدلي” الذي رفضه الحريري ويرفض عقد جلسة من دون ضمانات بعدم طرحه. ولذا هو يحاول عبر اللواء ابراهيم ايجاد مخرج مناسب غير ان الامور لم تنضج بعد. حصلت محاولة لاقناع الاطراف ان تتم الدعوة الى جلسة فيما يتولى القضاء العسكري التحقيق في الملف وعلى ضوء تحقيقاته يتم الدفع باتجاه المجلس العدلي لكن هذه الصيغة ايضا فشلت وازدادت الاوضاع تعقيداً.
مصادر الحريري
لا يريد الحريري حرق المراحل. صحيح ان الوقت يستنفد والمساحة الزمنية تضيق، ولكن في اعتقاد مصادر بيت الوسط اننا امام 48 ساعة يفترض انط تكون حاسمة في اتجاه اي قرار. تعليق مجلس الوزراء أمر غير مقبول والحريري وحده يملك قراره بدعوة المجلس الى الانعقاد وتحديد جدول الاعمال.
واذا اصر عون على جلسة وطرح الملف من خارج الجدول؟ “حينذاك ينظر في الموضوع ويملك الحريري موقفاً بخصوصه” لكن “لا يمكن تصوير المشكلة وكأنها بين الرئاستين، وأخذ البلد الى مكان آخر” لان حل مشكلة قبرشمون بالنسبة الى الحريري “هي عند اصحاب المشكلة ومن تسبّب بها”.
اقترح عون صيغة المحكمة العسكرية، حاول جريصاتي تسويقها قانونياً ولم ينجح وكذلك فشل اللواء ابراهيم نتيجة رفض ارسلان، اذاً “المشكلة هي بين الحلفاء فليحلوها”.
ترفض المصادر اعتبار عدم انعقاد الحكومة اساءة للحريري دون غيره، ورغم ذلك فالزعل والاعتكاف مفردتان غير مطروحتين عند رئيس الحكومة وهو يتحمل مسؤولياته، ويعمل على التهدئة. صحيح ان هامش الوقت يضيق ولكن لا بأس بفرصة اضافية لا تزيد على 78 ساعة، لكن ليس على قاعدة ان تحدد اطراف سياسية معينة جدول اعمال الحكومة.
تعطيل مجلس الوزراء لا يدخل في خانة التأثير السلبي على رئيس الحكومة بقدر ما يوضع في خانة العهد، فهل يريد هذا العهد حكومة معطلة؟ وهل بات الحريري وحده مسؤولا عن البلد بمفرده؟ وهل حل المشكلة الاقتصادية يتعلق بتيار “المستقبل” او بالبلد ككل؟
يرفض الحريري اعتبار نفسه المستهدف من التعطيل وهو لن يذهب الى سوء نية في هذا الخصوص بدليل ان رئيس الجمهورية طرح حلاً ولكن اطرافاً اخرى تعطل الحل بدفع من جهات خارجية.
ترى المصادر ان الاكثر احراجاً مما يحصل هم حلفاء ارسلان فهل بات قادراً على تعطيل البلد؟ وهل انتم شركاء في العملية السياسية ام لا؟ اللهم الا اذا كان المطلوب كسر جنبلاط وهو ما لا يرضاه الحريري ولا يقبل السير بهذا المشروع مهما كانت النتائج.
“حزب الله”
يعيد “حزب الله” الموضوع الى يوم وافق عون والحريري على “العدلي” خلال انعقاد اجتماع المجلس الاعلى للدفاع، ثم تراجعا ليرفضه جنبلاط وبري لاحقا ولولا ذلك لكان مر الموضوع على مجلس الوزراء.
لا يرى “حزب الله” ان على ارسلان ان يتراجع عن موقفه، وكيف يتراجع وهو يملك 15 صوتا مؤيداً داخل مجلس الوزراء “اي انك مقتول وانت المتعنت”.
اهمية الموضوع انه متعلق بمحاولة اغتيال وزير، لو كانت هناك ثقة بالقضاء لما كان المجلس العدلي مقلقاً.
وحده اللواء ابراهيم الصامت الذي يبذل جهداً قل نظيره من اجل ايجاد صيغة ترضي كل الاطراف. مصادره تبدي تفاؤلاً. ومبعث التفاؤل هنا قد يكون البحث عن ضمانات ترضي زعيم الجبل ولا تكسر ارسلان.
الجبل المتشنّج
كل ما تقدم يصب في خانة الوضع المتشنج في الجبل. يستقبل عون رؤساء الاديرة المسيحية في الشوف ويطلق موقفاً يقول ان لا مصالحة الا بعد تحقيق العدالة، يستتبع بالاعلان عن نيته الانتقال الى مقر الرئاسة الصيفي في بيت الدين. يضاف الى ذلك الموقع الجغرافي لمنزل وزير المهجرين غسان عطاالله المطل على المختارة ما يعزز شعور «الاشتراكي» بكونه مطوقاً من العهد.