كتبت سينتيا عواد في “الجمهورية”:
ربما سئمتم سماع نصيحة الخبراء بالنوم لساعات كافية يومياً. لكن بسبب الحياة المشحونة بالضغوط من جهة، والهوَس في متابعة الأخبار على مواقع التواصل الإجتماعي من ناحية أخرى، فإنّ النوم الجيّد هو آخر ما تنعمون به! لقد حان الوقت لأخذ الأمر بجدّية أكثر، خصوصاً بعد الكشف عن الحقائق الصادمة لانعكاسات النوم على مختلف أجزاء الجسم.
يمكن لقلّة النوم أن تؤثر سلباً في كل جزء من الجسم. لذلك تنصح كل من «American Academy of Sleep Medicine» و»Sleep Research Society» البالغين بالحصول على ما لا يقلّ عن 7 ساعات من النوم كل ليلة حفاظاً على صحّة جيدة.
وفي ما يلي تأثيرات النوم على الجسم، بدءاً من الرأس وصولاً إلى القدمين، بحسب طبيب النوم في «Stanford Center for Sleep Sciences and Medicine» في كاليفورنيا، أنيل راما:
الدماغ
يعالج المعلومات التي حصل عليها خلال اليوم أثناء النوم، فيشكّل ذكريات جديدة ويُرسّخ الأمور المهمّة التي تمّ تعلمها ويتخلّص أيضاً من تلك غير المُجدية. أظهرت دراسة صدرت عام 2012 في «PLOS One» أنّ الأشخاص الذين ناموا بعد فترة وجيزة من تعلّم معلومة معيّنة كانوا أفضل في تذكّرها لاحقاً. ومن جهة أخرى، كشفت «National Institutes of Health» أنّ سوء النوم يؤثر سلباً في اتخاذ القرار وحلّ المشكلة وطريقة التحكم في المشاعر، ويخفض الانتباه والقدرة على التركيز، وقد رُبط بالكآبة والانتحار والسلوكيات الخطرة.
العينان
أظهرت دراسة نُشرت عام 2013 في مجلّة «Sleep» أنّ الأشخاص الذين حُرموا من النوم كانوا الأكثر معاناة من انتفاخ الجفون، واحمرار العينين وتورّمهما، والهالات السوداء مقارنةً بنظرائهم الذين ناموا 8 ساعات. غير أنّ آثار نقص النوم لا تقتصر على المظهر فقط! فالحرمان من النوم وعدم حصول العضلات المُحيطة بالعينين على راحة كافية يسببان تشنّجات فيهما.
الأنف
قد تكون قلة النوم مسؤولة عن تعرّضكم لسيَلان الأنف، بما أنها تعوق أداء الجهاز المناعي. توصلت دراسة صدرت عام 2015 في مجلّة «Sleep» إلى أنّ الأشخاص الذين ينامون لأقلّ من 6 ساعات في الليلة هم أكثر تأثراً بالمرض عند تعرّضهم لنزلات البرد. لا بل أسوأ من ذلك، كشفت «National Sleep Foundation» أنه عند الإصابة بالمرض، فإنّ قلّة النوم قد تُصعّب الانتعاش.
القلب
من المعلوم أنّ ضغط الدم ينخفض خلال النوم الطبيعي. لكن في حال عدم الحصول على نوم كاف، قد يبقى الضغط مرتفعاً لأوقات أطول، ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم المُزمن الذي يُعتبر من عوامل الخطر الرئيسة لأمراض القلب والسكتات الدماغية، إستناداً إلى مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. إنّ انقطاع التنفس أثناء النوم يُعتبر بدوره مشكلة، فالتعرّض لهذه الاضطرابات المستمرة في التنفس يؤدي إلى تقلبات كبيرة في ضغط الدم تشكّل ضغطاً على القلب، وقد تساهم أيضاً في ارتفاع ضغط الدم وأنواع أخرى من أمراض القلب.
ناهيك عن أنّ قلّة النوم قد تؤثر سلباً بشكل غير مباشر في القلب من خلال دفع الشخص إلى عادات الأكل غير الصحّية، وارتفاع مستويات التوتر، وانخفاض التحفيز على ممارسة الرياضة، وكل هذه العوامل تحفّز أمراض القلب.
الوزن
خلصت دراسة صدرت في شباط 2019 في «Current Biology» إلى أنّ نقص النوم قد يؤدي إلى زيادة السناك بعد العشاء واكتساب الوزن. يرجع السبب إلى انخفاض هورمون «Leptin» الذي يقمع الجوع، في مقابل ارتفاع نظيره «Ghrelin» الذي يحفّز الشهيّة. وبحسب «National Sleep Foundation»، فإنّ قلّة النوم تدفع أيضاً الشخص إلى تناول أنواع معيّنة من الأطعمة المصنّعة كالكوكيز، والتشيبس، والسكاكر. فضلاً عن أنّ الجسم لا يستطيع التحكم جيداً في معدل السكر في الدم عند الحرمان من النوم، ما يعزّز خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
الهضم
يمكن لقلّة النوم أن تسبب أيضاً أوجاع المعدة وعسر الهضم. يؤدي اضطراب النوم إلى إجهاد جسدي، ما يحفّز تحويل الدم والمغذيات بعيداً من الأمعاء وإلى أجزاء أخرى من الجسم. يعني ذلك أنه مهما كان نوع الطعام في المعدة، فإنه لن يتعرّض للحامض الطبيعي والإفرازات الصفراوية، كما ستنخفض تقلصات الأمعاء لتحريك الطعام، ويتأخر امتصاص الأكل. ينتج من ذلك الإمساك، والإسهال، والنفخة، والغازات، والحرقة، والألم.
البشرة
وفق «National Sleep Foundation»، فإنّ نقص النوم يرفع مستويات الالتهاب وهورمونات التوتر، ما يُفاقم المشكلات الجلدية مثل البثور، والإكزيما، والصدفية. لا بل أكثر من ذلك، بيّنت دراسة صدرت عام 2013 في مجلّة «Sleep» أنّ المحرومين من النوم كانت بشرتهم أكثر شحوبة، وعانوا من خطوط دقيقة وتجاعيد أكثر حول محيط العينين، وانحناء في زوايا الفم. وبحسب دراسة أخرى نُشرت عام 2017 في «Royal Society Open Science»، فإنّ الأشخاص الذين عجزوا عن النوم لليلتين متتاليتين صُنِّفوا بالأقل جاذبية.
لا بل أكثر من ذلك، يمكن لنوعية النوم أن تؤثر في الإحساس بالألم. فقد توصّل بحث صدر في آذار 2019 في «Journal of Neuroscience» الى أنّ الحرمان من النوم يرفع حساسية الألم من خلال تخدير استجابة الدماغ لتسكين الألم.
العظام والعضلات
يتم إفراز هورمون النمو البشري خلال النوم العميق، وهو مسؤول عن بناء العضلات والعظام وإصلاحها والحفاظ عليها. إنّ قلّة النوم تعني إضعاف إصلاح العضلات، ولقد رُبط اضطراب النوم بانخفاض كثافة العظام، وزيادة الكسور، وتقليل كتلة العضلات.