كتبت هديل فرفور في صحيفة “الأخبار”:
“سوء تصميم المساحات بذاته يولّد الإعاقة”. تقول مُقدّمة «دليل تسهيل الحركة» الذي أطلقته نقابة المهندسين في بيروت، أمس، بالتعاون مع شركة «أباف»، حول التدابير العملية لتعزيز الحياة الدامجة للأشخاص المعوقين في المدينة.
تختصر هذه العبارة «روحية» الدليل التي لا تربط فقط بين الحيّز المديني الدامج وتعزيز استقلالية الأشخاص المعوّقين وحركتهم، باعتبار أن البيئة العمرانية وتنظيم الأماكن العامّة يُشكّلان الضابط الأساس في إدماج هؤلاء في المجتمع، بل تذهب بعيداً إلى نقاش البيئة المُعيقة التي تفاقم من آثار الإعاقات وتتسبّب بها أحيانا.
رئيس إتحاد جمعيات المعوّقين اللبنانيين موسى شرف الدين، وهو أب لشابيّن معوّقين، لفت إلى الأطفال الذين يبقون «حبيسي بيوتهم شهوراً طويلة» نتيجة عدم توفّر بيئة عمرانية دامجة تلحظ إعاقتهم وتساعدهم على تخطّيها، «إذ كيف سيخرج الأهالي بأطفالهم إلى الحدائق والمطاعم والملاهي طالما لا توجد، مثلاً، حمّامات مجهزة وهذا من البديهيات؟».
بهذا المعنى، يغدو هؤلاء محرومين من حقّهم في التمتّع بالحيز المديني، «لأنّ الحقّ في المدينة هو الحقّ في التنقّل والحركة»، بحسب نقيب المهندسين في بيروت جاد تابت، مشدداً على أنّ سهولة الحركة والتنقّل الحرّ في المدينة واستعمال خدماتها هي «حقوق أساسية لهم كمواطنين ومن واجباتنا كمُصمّمين ومنفذّين».
خلال الفترة الماضية، تصدّى وزير الشؤون الإجتماعية ريشار قيومجيان لبنود خفض موازنة الجمعيات التي تعنى بحقوق المعوّقين، معلنا أنه تمكّن من الحصول على ثلاثة مليارات ليرة إضافية لدعم برامج المعوّقين وتأمين حاجاتهم (…). هي خطوة «مباركة» في المبدأ، لكن «من غير المقبول أن يكون خيار الأشخاص المعوّقين الوحيد هو العيش في كنف الجمعيات»، على حدّ تعبير رئيس المنتدى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة نوّاف كبارة، لافتاً إلى أن المنطق يفترض دعم مراكز استقلالية المعوّقين عبر العمل على استراتيجية دامجة. بهذا المعنى فإن الدليل، بحسب كبارة، هو جزء من الاستراتيجيات المطلوب تطبيقها وتفعيلها.
ويهدف الدليل إلى «جعل الحياة في المدينة أكثر اتصالا وأمانا للجميع»، وهو يتوجّه، أولا، إلى الإختصاصيين في مجال البناء والأشغال العامة لمساعدتهم على تصميم أعمالهم وتنفيذها. ويُقارب موضوع التواصل والحركة الحرة للجميع على عدّة مستويات: الوصول إلى المباني، ولوج المساحات العامّة كما الأبنية، تأمين إخلاء المبنى في حالات الطوارئ (…)، والقياسات العملية لتأمين حركة حُرّة مستقلّة للأشخاص المعوقين في المدينة.
وفيما لفت كبّارة إلى أهميّة الكتيب كونه صادراً عن نقابة المهندسين في بيروت لجهة إمكانية فرضه على المهندسين، أعلن تابت إطلاق «محاولة لمراقبة الرخص التي ترد الى النقابة والحرص على أن تكون مطابقة لمعايير الدمج. لكنّ النقابة لا يمكنها أن تلعب دور البوليس. الأمر يتطلّب آلية جدّية تكون على مستوى الاستراتيجيات الوطنية المُلزمة». وهو ما خلص اليه المدير العام لشركة أباف – لبنان نسيب نصر من أن الدليل «ينقصه التشريع والتطبيق». فهل يُتخّذ القرار بتطبيقه أم يُترك الأمر لـ «محاولات» النقابة فرضه؟