حملت أكثر من محطة أممية في اليومين الماضيين، إشارات الى تعاظم الضغط الدولي على حزب الله. فساعات بعيد تأكيد تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن مدى تطبيق لبنان مندرجات القرار 1701 أن “لم يحرز أي تقدم في ما يتعلق بنزع سلاح الجماعات المسلحة”، وأن “احتفاظ حزب الله وغيره بالأسلحة خارج نطاق سيطرة الدولة، لا يزال يحد من قدرة حكومة لبنان على ممارسة سيادتها وسلطتها”، داعياً الحكومة اللبنانية الى “ضمان التنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة باتفاق الطائف والقرارين 1559 و1680 التي تطالب بنزع سلاح كل الجماعات المسلحة، والتزام سياسة النأي بالنفس بما يتفق مع إعلان بعبدا”، مشددا على أهمية “المضي قدماً في تنفيذ تعهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الدعوة الى حوار وطني لتحديد استراتيجية للدفاع الوطني”… ادّعى مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة، داني دانون، أن “ميناء بيروت البحري أصبح ميناءً خاصًا لحزب الله”، زاعمًا أن “حزب الله يستخدم بانتظام منشآت مدنية لبنانية لإجراء عمليات النقل غير القانونية للأسلحة، ما يمثل انتهاكا للـ1701”. وعرض – خلال الجلسة الدورية لمجلس الأمن الدولي حول الحالة في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية – خريطةً زعم أنها توضح طرق نقل الأسلحة التي يستخدمها حزب الله من مطار دمشق إلى مطار رفيق الحريري في بيروت، وعبر المعابر الحدودية الرسمية بين سوريا ولبنان، مثل معبر المصنع، وميناء بيروت.
الرد أتى سريعا من مندوبة لبنان في الامم المتحدة أمل مدللي التي نفت هذه المعطيات، معتبرة أن “هذه الاتهامات بمثابة تهديدات مباشرة للسلام والبنية التحتية المدنية في لبنان”. وفي وقت تشير الى ان ثمة ضرورة ليصدر موقف واضح، عن الحكومة اللبنانية وعن الجهات المسؤولة عن ضبط هذه المرافق الحيوية، تدحض فيه هذه المزاعم، تلفت مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية” الى ان الكلام الاممي المعطوف الى الاسرائيلي والى العقوبات الاميركية والى توسّع قائمة الدول التي تصنّف حزب الله ارهابيا، تدل الى أن الاخير بات موضوعا بقوة تحت المجهر وأن نزع سلاحه بات من أولويات المجتمع الدولي.
وفي معطى اضافي يتثبّت أكثر هذه الحقيقة، انبعثت الوساطة الاميركية لفض الاشتباك الحدودي الجنوبي، برا وبحرا، بين بيروت وتل ابيب، من جديد في الساعات الماضية، حيث أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري بنفسه أمس، انتعاشها معربا عن “تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق نهائي على الحدود”، ومشيرا الى ان “أُنجِزَت سبع نقاط وبقيت نقطة واحدة تتعلق بالتنفيذ براً وبحرا”. فالاميركيون يصرون على طي هذا الملف بما يسحب ذريعة قوية من جعبة حزب الله، يستخدمها للاحتفاظ بسلاحه، في موازاة عملهم مع شركائهم الدوليين (بريطانيا، ألمانيا، فرنسا) لبسط الجيش اللبناني سيطرته وحيدا على الحدود الشرقية، بما يمنع انتقال المسلحين والسلاح من والى سوريا.
لكن في موازاة هذه الخطوات العملية كلّها، تكشف المصادر عن توجّه لدى واشنطن، لمطالبة لبنان الرسمي باعتماد “خطاب جديد” لدى حديثه عن “حزب الله”. فتكرار الموقف القائل ان “من حقّه امتلاك السلاح لأنه “مقاومة” في وجه الاحتلال الاسرائيلي”، لن يكون مقبولا بعد اليوم في البيت الابيض الذي يفكّر جديا باتخاذ إجراءات في حق بيروت، في حال اصرارها عليه. والمطلوب، ان تخرج الدولة من رماديتها وتُثبت بالفعل لا بالاقوال، انها وضعت نفسها على سكّة معالجة معضلة السلاح غير الشرعي، وقد تكون الدعوة الى طاولة حوار تدرس الاستراتيجية الدفاعية أولى تجليات هذه الانعطافة الضرورية في رأي واشنطن، إلا!