كتبت باتريسيا جلاد في صحيفة “نداء الوطن”:
لم تنته قصة “إبريق زيت” العقوبات الأميركية على لبنان. أمس الأول أدرجت وزارة الخزانة الأميركية لائحة شركات لبنانية على قائمتها السوداء، وتلك الشركات تعمل في قطاع البناء والتطوير. لكن المفارقة أن تلك المؤسسات تتعامل مع الدولة اللبنانية من خلال عقود لتنفيذ أشغال تعود لها، الأمر الذي سيحرج الحكومة .
هذا الأمر يطرح تساؤلات حول التداعيات الإقتصادية لتلك العقوبات التي تتوسّع رقعتها لتطاول ليس نواباً وشخصيات قيادية فحسب بل شركات، على ان تشمل في ما بعد رجال أعمال لبنانيين عملوا في أفريقيا وآخرين يعملون في العراق وإيران لتضيفهم إلى اللائحة السوداء بسبب علاقاتهم المالية بـ”حزب الله”.
وفيما قلل البعض في المرة السابقة من الوقع الإقتصادي للعقوبات التي فرضتها الحكومة الأميركية على النائبين محمد رعد وأمين شري، جاء إدراج الشركات الثماني ليوسّع رقعة تلك العقوبات لتشمل شريحة من نوع آخر وهي الشركات، الأمر الذي سيؤدي حتماً كما قال لـ”نداء الوطن” المحامي د. أنطوان صفير الى “وقف المصارف تعاملها مع تلك الشركات، كما ستتوقف المؤسسات الدولية التي تتداول بالدولار عن التعامل معها”.
واعتبر صفير أن “قصّة العقوبات الأميركية التي تتوالى فصولاً هي موضوع خطير خصوصاً اذا ما امتدت مباشرة الى القطاعات الإقتصادية”، مشيراً الى أنه “بقدر ما تضمنت اللائحة السوداء اسماء وطاولت شريحة اكبر من اللبنانيين بقدر ما تتفشى المشكلة ويصبح الوضع اكثر خطورة ودقّة”.
وعن التدابير التي يمكن ان تتخذها تلك الشركات لمزاولة عملها، قال صفير إنه “يمكنها الطعن أمام السلطات الأميركية بالقرارات التي اتخذت في حقها ولحينه عليها الإلتزام بالقرارات الأميركية”.
وحول إمكانية انشاء تلك الشركات مؤسسات بديلة بأسماء أخرى ومتابعة عملها، اعتبر صفير انه “ليس من السهل التهرّب والقيام بعمليات احتيالية من هذا النوع نظراً الى جديّة الولايات المتحدة في الزام الدول الخاضعة للعقوبات بالإلتزام بها من خلال الرقابة التي تقوم بها على المدى الطويل”.
الشركات المدرجة
وكانت تلك الشركات أدرجت على لائحة العقوبات نظراً الى ارتباطها بـ”حزب الله” المصنّف أميركياً منظمة إرهابية، كما أوردت “اندبندنت عربية”. وتلك الشركات هي: أرش ومعمار، اللتان التزمتا بعقود مع الدولة اللبنانية بقيمة 800 ألف دولار. وغلوبال وود، والفصول، والهرمل للتطوير، والرائد، والمائدة، ونيو ترمينال، ودار المنار، وسيف نت، التي حصلت على عقود عمل من جهات بلدية وحكومية لبنانية بعشرات ملايين الدولارات.
غطاء مدني
وتعمل تلك المؤسسات بغطاء مدني، وهي اليوم القناة الكبرى لضخ الأموال إلى “حزب الله” لتمويل نشاطاته في لبنان بعد شحّ الأموال من إيران بسبب العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة، علماً أن جزءاً من الشركات هي تابعة مباشرة للحزب، وأخرى تعمل بغطاء رجال أعمال مسيحيين كما قيل لإبعاد الشبهات عن الحزب.
ويختلف وقع العقوبات الأميركية اقتصادياً على الشركات ورجال الأعمال نسبة الى حجم الأعمال والعمليات التي تقوم بها من تحويلات وتداولات بالدولار ما سيؤثّر طبعاً على سمعة لبنان في الخارج ويوقف التعامل معها من جهة، وعلى حجم الأموال التي تحرّكها في السوق في ظل الزنقة التي يعيش فيها الإقتصاد اللبناني من جهة ثانية .. الا اذا وجدت مخرجاً آخر لها من خلال فتح حسابات مصرفية أو شركات بأسماء اخرى تنتمي الى الطائفة المسيحية، علماً أن مصرف لبنان قادر عبر لجنتي الرقابة على المصارف ومحاربة تبييض الأموال على مراقبة تحركات أصحاب تلك الشركات وقمع التعامل معهم.
الإقتصاد الأبيض
يرى بعض الخبراء أن العقوبات الأميركية على الشركات ورجال الأعمال هي خطوة ايجابية، لأن من شأنها خلق فرص عمل مستدامة بما يعرف بالإقتصاد الأبيض (المصرّح عنه) وفتح المجال أمام الشركات الشرعية لزيادة أعمالها وانشطتها، فيدرج لبنان بذلك على قائمة الدول العالمية غير المشكوك فيها .