كتب أكرم حمدان في صحيفة “نداء الوطن”:
تتجه الأنظار إلى قصر بعبدا ودور الرئيس ميشال عون في ملفات عدة ليس أقلها قانون الموازنة الذي وصل إلى القصر بعد توقيعه من رئيس الحكومة سعد الحريري، وذلك تمهيداً للتوقيع عليه ونشره في الجريدة الرسمية والذي غالباً ما يُخصص له ملحق خاص نظراً لأهمية القانون، لا سيما هذه الموازنة التي تحدث عنها الجميع بأنها وضعت أسس الإصلاح وينتظرها أيضاً المجتمع الدولي والداخل لكي يتحرك الجمود الاقتصادي.
مبرر هذا الكلام ما نُسب إلى الوزير جبران باسيل حول رفضه تمرير البند الذي يحفظ حق الناجحين في مجلس الخدمة المدنية في المادة 79 من قانون الموازنة والتهديد بإسقاطها.
وبمعزل عن التفسيرات والتحليلات التي ذهبت إلى حد احتمال إمتناع رئيس الجمهورية عن توقيع قانون الموازنة، فإن الآليات الدستورية وصلاحية الرئيس في هذا المجال، محددة بالمادتين 56 و57 من الدستور.
فالمادة 56 تحدّد مهلة إصدار القانون العادي (أي قانون عادي) بشهر، بعد إحالته من المجلس النيابي إلى الحكومة، وتوجب على رئيس الجمهورية إصداره خلال هذه المهلة، كما تحدد مهلة إصدار القانون الذي يتخذ المجلس قراراً بوجوب استعجال إصداره، فتوجب على الرئيس إصداره خلال 15 يوماً، أي أن الرئيس في هاتين الحالتين ملزمٌ بالنشر دستورياً.
أما المادة 57، فهي تعطي لرئيس الجمهورية حقّ طلب إعادة النظر في القانون (المُحال اليه للنشر) مرة واحدة ضمن المهلة المحدَّدة لإصداره، وعندما يستعمل الرئيس حقه هذا يصبح في حل من إصدار القانون الى أن يوافق عليه المجلس بعد مناقشة ثانية وإقراره بالغالبية المطلقة من مجموع الأعضاء الذين يؤلفون المجلس، أي 65 نائباً.
وفي حال انقضاء المهلة من دون إصدار القانون أو إعادته (الى المجلس)، يُعتبر القانون نافذاً ووجب نشره، أي إن أقصى ما يمكن أن يقوم به الرئيس ربطاً بهذه المادة هو إعادة القانون إلى المجلس الذي تبقى له الكلمة الفصل في النهاية سواء بالإستجابة لطلب الرئيس فيعيد النظر بالقانون أو بالإصرار عليه كما أحاله إلى الرئيس قبل الإعادة، ويتوجب نشره.
كذلك فإن مراسيم التحاق هؤلاء وتعيينهم في الوظائف التي نجحوا في مبارياتها تحتاج توقيع الوزير المختص ووزير المالية ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية لتصبح نافذة، وبالتالي سيكون القرار النهائي عند رئيس الجمهورية بمعزل عن قانون الموازنة الذي ينتظره الجميع.
وفي السياق قال عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب جورج عقيص لـ”نداء الوطن”: “خلال مناقشة هذه المادة في الموازنة طرحنا وجهة نظرنا وموقفنا على أسس علمية بعيدة من السياسة لأن نص المادة 79 يتحدث بالأساس عن منع التوظيف وهذا الأمر سبق وطرح في قانون سلسلة الرتب والرواتب (46) وأعطيت الحكومة حينها مهلة ستة أشهر لإجراء المسح وبالتالي نحن كنا مع إبقاء هذه المهلة للحكومة لكننا لم نوفق في موازنة الـ 2019، ونحن مع عملية المسح وإعادة هيكلة القطاع العام وهذه العملية تُحدد لنا الإحتياجات وتبين ماذا تريد الإدارة وبالتالي تُعطى الأفضلية للناجحين في مباريات مجلس الخدمة”.
أما عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب محمد خواجة فقد أكد لـ”نداء الوطن” أن المجلس النيابي أكد حق الناجحين وكذلك حق المتطوعين في الدفاع المدني وهذا الحق كُرس بقانون الموازنة لحفظه بعد مرور وقت من دون تعيينهم وإلحاقهم في وظائفهم”.
ووافقه الرأي عضو كتلة “المستقبل” النائب سامي فتفت الذي أوضح أن موقف الكتلة من الأساس هو مع إعطاء حق هؤلاء الناجحين في مباريات مجلس الخدمة.
أما عضو “اللقاء الديموقراطي” و”الحزب الإشتراكي” النائب بلال عبدالله فاستغرب في حديث إلى”نداء الوطن” أن يكون هناك من يُهدد بنسف الموازنة أو تعليقها وهناك شبه إجماع من القوى السياسية على أنها إنجاز باستثناء هذا الصوت الذي ربما يكون وحيداً خارج السياق، كذلك من المستغرب أن يتم هذا الإعتراض على ما تم بالإجماع في لجنة المال والموازنة التي يُديرها بنجاح الزميل إبراهيم كنعان ومعه نواب آخرون من الفريق السياسي نفسه الذي يعترض رئيسه”.
أما النائب جهاد الصمد فقد استبعد أن يُساير رئيس الجمهورية صهره على حساب الموازنة، منوهاً بحكمة الرئيس العماد ميشال عون التي لا تسمح بهذا الأمر بتوقيف أو تعليق الموازنة التي يُراهن عليها الجميع”.
وبعد محاولات متكررة مع عدد من نواب تكتل”لبنان القوي” الذين آثرغالبيتهم عدم الرد على الاتصالات الهاتفية، حسم الأمر عضو التكتل النائب روجيه عازار الذي كان مع وفد بزيارة رئيس الجمهورية أمس، لجهة تأكيده أن “لا شيء يؤخر نشر الموازنة وفخامة الرئيس الذي هو “بيّ الصبي” يريد أن تنطلق الأمور في مسارها الصحيح والمنتظم وإذا كانت هناك ملاحظات من قبل البعض وأنا منهم على بعض المواد، فهذا لا يعني عرقلة الموازنة وفخامة الرئيس ليس بهذا الوارد، فالموازنة وضعت أسساً وبداية لخطوة الألف ميل التي يجب أن تُستكمل في موازنة الـ 2020″.