Site icon IMLebanon

عند التصويت… لن يخرج “المردة” من باب “الحارة”

كتب آلان سركيس في صحيفة “نداء الوطن”:

يقف تيار “المردة” في موقع لا يُحسد عليه، خصوصاً بعد الأحداث التي جرت أخيراً في قبرشمون، إذ إنه ليس من السهل إتّخاذ موقف مؤيّد لهذا الفريق أو ذاك.

يُفاخر رئيس “المردة” سليمان فرنجية بأنه وفيّ للخطّ الذي ينتمي إليه، فهو الذي يؤكّد أن محوره قد انتصر في اللعبة الكبرى التي تُعتبر سوريا ملعبها الأساسي، وبالتالي فهو يعيش نشوة الإنتصار لكن ضمن واقعية تفرض عليه التفكير ملياً لأن الواقع اللبناني لا يخضع دائماً لتوازنات الإقليم، رغم أن هذه التوازنات تُدير اللعبة وتُعتبر المؤثّر الأكبر في سياسة لبنان.

لكنّ ما كان يعتبره فرنجية حكراً عليه قد تغيّر وتبدّل وبات هناك من يُزاحمه على الخط “العروبي” و”السوري” لا بل هناك من يُزايد عليه، ففي السابق كانت غالبية الشارع المسيحي ضد توجّه فرنجية الذي كان معادياً للخطّ التاريخي للمسيحيين، وكان فرنجية ملكاً في خطّ العروبة.

ومع عودة “التيار الوطني الحرّ” إلى الساحة، وخلافه مع قوى “14 آذار” بعد انتخابات 2005، وتوقيع وثيقة مار مخايل العام 2006 بين “التيار” و”حزب الله”، إنقلبت التحالفات رأساً على عقب، وبات “التيار” الذي كان يدّعي أنه يمثّل أكثر من نصف المسيحيين، ويُعيّد عيد مار مارون في براد، الرقم الأول في محور الممانعة، وتراجع فرنجية وتياره إلى المرتبة الثانية.

ويتكل “التيار الوطني الحرّ” على حجمه في الشارع المسيحي ليقول لقوى الممانعة: “إنني حاجة لكم ولا تستطيعون أن تتخطوني أو تفضّلوا أي تيار مسيحي عليّ، فأنا قادر بحجمي على تغيير المعادلات وقلبها رأساً على عقب”.

ولعلّ معركة رئاسة الجمهورية الأخيرة أكبر دليل على ما يريد النظام السوري و”حزب الله”، إذ إنهم لا يريدون إغضاب “التيار الوطني الحر” حتى لو كان البديل وصول رئيس جمهورية حريص على خطّه ولم يرتكب أي “غلطة” بحقه، فبقي “حزب الله” يُعطّل جلسات إنتخاب رئيس الجمهورية حتى تمّ توقيع “إتفاق معراب” ورشّحت “القوات اللبنانية” العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية من ثم قبل تيار “المستقبل” بهذا الترشيح وتمّ إبرام التسوية الرئاسية التي أوصلت عون إلى بعبدا وأعادت الرئيس سعد الحريري إلى السراي الحكومي، فيما خسر فرنجية معركة رئاسة الجمهورية لكنّه بقي وفياً لخطّه الممتد من حارة حريك إلى قصر المهاجرين.

اليوم يقف فرنجية متفرّجاً على كل ما يحصل، فهو بدأ تعبيد طريق بعبدا، وافتتحها بمصالحة مع “القوات” في بكركي في 14 تشرين الثاني من العام الماضي، ويبقى باسيل خصمه الأبرز والأشدّ وطأة عليه، في حين أن “القوات” لم تعد تزعجه كما في السابق.

وأدخلت حادثة قبرشمون “دماً” جديداً على الحياة السياسية، إذ إنها رسمت تحالفاً سمّاه البعض بـ”الخماسي”، وضمّ كلاً من الرئيس نبيه بري، الحريري، النائب السابق وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع، وقال البعض إن فرنجية ليس بعيداً عن هذا الحلف او إنه سيكون من ضمنه.

وشهدت دار بنشعي زيارات متتالية لكل من وفدَي الحزب “التقدمي الإشتراكي” والحزب “الديموقراطي اللبناني” حيث تمّ وضع فرنجية في أجواء ما حصل في الجبل، وكل من وجهة نظره.

وإذا كان قلب فرنجية مع ما فعله الشارع “الإشتراكي” في وجه زيارة باسيل إلى عاليه، وحساباته السياسية إلى جانب جنبلاط الذي يشكّل قوة دعم في الإنتخابات الرئاسية المقبلة لأن كتلته تضم 9 نواب، فإن انتماءه السياسي يفرض عليه البقاء إلى جانب الخطّ الذي يُناصره وهو خط “8 آذار” و”حزب الله”. وفي السياق، يرفض تيار “المردة” الحديث عن تحالفات جديدة أو أحلاف، “لأن الرئيس بري يسعى إلى كسر الجمود ومعاودة إنعقاد جلسات مجلس الوزراء وهذا الأمر مفيد للبلاد التي تغرق في ركود إقتصادي وبأمسّ الحاجة إلى الجلسات الوزارية المنتجة”.

ويدعو “المردة” إلى إيجاد حلّ لكلّ الأمور التي تعطّل الحياة السياسيّة، لكنه يفضّل أن لا يدخل طرفاً مع هذا الفريق أو ذاك، في وقت يؤكّد أنه ثابت في خطّه إلى جانب حلفائه في “8 آذار”، أما اللقاءات والمصالحات فهي ضرورية على كل الساحات، وما تمّ فعله مع “القوات” يجب أن ينتقل إلى الساحة الدرزية، إذ لا يمكن للدروز أن يستمروا ونار الفتنة تعبر بجانبهم كل يوم.

وحتى الآن لم يخرج أي موقف رسمي وعلني من “المردة” بخصوص إحالة ملف قبرشمون إلى المجلس العدلي، في حين يرى البعض أن ارتباط “المردة” الوثيق بـ “حزب الله” و”8 آذار” يجعله يصوّت إلى جانب إحالة الملف إلى المجلس العدلي في حال تمّ طرحه على مجلس الوزراء، وبالتالي سيكون حريصاً على تبنّي مواقف “حارة حريك” وعدم الخروج من بابها إلى أي باب آخر.

ويفضّل “المردة” أن تسلك الأمور طريق التفاهم، والإتفاق على كيفية إنهاء هذا الملف، إن كان بالنسبة إلى إحالته إلى المجلس العدليّ أو الإستمرار بالتحقيق وإحالته إلى المحكمة العسكريّة. ولا يريد “المردة” التفريط بالمصالحات التي تمّت وعلى رأسها مصالحته مع “القوات”، ولا بعلاقاته الجيدة التي نسجها مع جنبلاط والحريري بعد ترشيحه للإنتخابات الرئاسيّة سابقاً، ومن جهة ثانية فإنه رسّم خطوط التماس شمالاً، وبات كل فريق شمالي في الأقضية المسيحية يعرف حجمه، وهذا الأمر لا يثير قلق فرنجية المرتاح على وضعه في زغرتا، والذي يعرف أن “التيار الوطني” غير قادر على التمدّد في قضائه، وإلا لما كان الأخير تحالف مع رئيس حركة “الإستقلال” النائب ميشال معوّض في الانتخابات الأخيرة.