Site icon IMLebanon

رياح التغيير تلفح “الكتلة الوطنيّة”… في كانون

كتب آلان سركيس في صحيفة “نداء الوطن”:

يشهد حزب “الكتلة الوطنيّة” نفضة نوعيّة وتغييراً في القيادة، في خطوة يُراد منها إحياء مجد قديم قد غاب نتيجة التبدّلات السياسيّة على الساحتين الوطنية والمسيحية.

لم يكن حزب “الكتلة الوطنية” الذي أسّسه الرئيس إميل إده وضمّ محازبين من كل الطوائف، حزباً عابراً في الحياة السياسية، إذ إنه شكّل مدرسة لا تزال توصِل شخصيات تنتمي إليها إلى المراكز الأولى في الدولة والمجتمع .

مرّ الحزب بمراحل عدّة، ويُعتبر العام 1949 تاريخاً أساسياً في مسيرته حيث تسلّم ريمون إده زعامة الحزب. وعاشت الحياة السياسيّة اللبنانية في الأربعينات والخمسينات تنافساً ثنائياً بين “الكتلة الوطنية” بزعامة إده، و”الكتلة الدستورية” برئاسة الرئيس بشارة الخوري. ولعب الحزب دوراً بارزاً في

هزيمة النهج الشهابي، حيث شكّل سنة 1968 “الحلف الثلاثي” مع حزبَي “الكتائب” و”الوطنيّين الأحرار” وانتصروا في الإنتخابات التي جرت آنذاك.

وبدأ انحسار وجود “الكتلة الوطنية” منذ بداية الحرب الأهلية، فلم يشكّل جناحاً مسلّحاً يقاتل إلى جانب أحزاب المقاومة المسيحية ولم يدخل في الحرب، وفي العام 1977 غادر العميد ريمون إده لبنان وتوفّي سنة 2000. ويشهد الحزب حالياً “نفضة” جديدة بعد فترة الركود التي مرّ بها وخسارته المعارك السياسية الواحدة تلو الأخرى.

ويروي القيمون على “الكتلة” أنه تمّ توصيف الوضع اللبناني الحالي وتبيّن أنّ هناك عللاً كثيرة، خمس منها جوهريّة وهي: الطائفيّة السياسيّة، الفساد، الإقطاع أو التوريث السياسي، الزبائنيّة، والتبعيّة، ويجب إستبدالها بكل من المواطنيّة، النزاهة، الديموقراطيّة، دولة القانون، والسيادة. وانسجاماً مع

قناعاته هذه وصّف حزب “الكتلة الوطنيّة” وضعه الداخلي تجاه هذه العلل، وتبيّن أنّه يعاني من علّة أساسية وهي التوريث السياسي.

قرار جريء بإلغاء منصب «العميد»

وانطلاقاً من النقد الذاتي الذي قام به الحزب، كان القرار بتطبيق مجموعة إصلاحات داخليّة للخروج من هذه العلّة. فكان القرار الجريء للعميد كارلوس إدّه بإلغاء منصب “العميد” الذي تنحصر فيه كل الصلاحيّات ونقلها إلى اللجنة التنفيذيّة المنتخبة من مجلس الحزب والتي تنتخب بدورها الأمين العام، ترسيخاً للعمليّة الديموقراطيّة في الحزب. كل هذه التغيّرات، ترافقت مع استحداث منصب رئيس فخري للحزب تكون مدّة ولايته سنة غير قابلة للتجديد ويُنتخب مداورة من بين أعضاء اللجنة التنفيذيّة.

وكون الحزب يفتخر بتاريخه، استُحدث “مجلس شيوخ” مؤلّف من قدامى الحزب المؤتمنين على مبادئه، ولديهم دور إستشاري وتوجيهي، وتقرّر إشراك

عنصر الشباب في “اللجنة التنفيذيّة” و”مجلس الحزب” وخصوصاً في فريق العمل أو مكتب الأمانة العامة.

إلى ذلك، وضع الحزب خطة على 3 مراحل لإعادة إنطلاقته، والإستحقاق المقبل والأهم هو إنتخاب رئيس جديد للحزب مكان الرئيس الحالي كارلوس إدّه وهو ما سيحصل في شهر كانون الأوّل المقبل.

ويؤكّد القيّمون على “الكتلة” أن “العلاقة بين الأعضاء القدامى والجدد ممتازة لأنهم يتشاركون المبادئ نفسها سواء لجهة توصيف الوضع اللبناني وعلله أو لجهة الوسائل الكفيلة بالخروج منها، وطبعاً هناك منتسبون جدد وهناك عودة لقدامى الكتلة إليها مع انفضاح أجندات الأحزاب التي انتموا إليها مرحلياً”. وعن التواصل مع الكتلويين الذين توزّعوا بين “التيّار الوطني الحرّ” و”القوّات اللبنانية”، تعتبر القيادة الكتلوية “أن لكل مواطن في حزب الكتلة أو خارجه ملء الحرّية للانضمام إليه أو الخروج منه، وحتى العودة إليه عن قناعة. وهذه الحرية هي من ثوابت الحزب التي لا يمكن أن يحيد عنها.

وحالياً، وتوازياً مع إعادة إطلاق الحزب، يتم التواصل مع جميع القدامى لتعريفهم بإصلاحات الحزب وبرنامج عمله ومحاور عمله”.

وعن خطة العمل الوطنية الأشمل، فإن العمل حالياً في الكتلة يدور حول 6 محاور هي: البيئة، المجتمع، الخدمات العامة، الإقتصاد، الجيوستراتيجيا، والحوكمة. وتطبيقاً لذلك، ستنطلق قريباً حملة إجتماعيّة تستهدف الأشخاص الأكثر فقراً. هذا مع الإشارة إلى أنّه في الخريف المقبل سيتم إفتتاح مراكز محلّية للحزب في بعض المناطق المختلطة المرحّبة بـ “الكتلة الوطنيّة” ونهجها. ويسود جو إيجابي جداً على الرغم من الضغط الكبير الملقى على عاتق الجميع في الحزب من رأس الهرم وحتى أسفله كونهم أمام تحديات كثيرة على المستويين الداخلي والوطني، خصوصاً أنّ قدامى “الكتلة” ينتظرون الكثير من القيادة الجديدة ويستعجلونها لتحقيق إنجازات.

ويبدو المقرّ العام للحزب خلية نحل تعمل ليلاً ونهاراً على مستويات كثيرة، مثل الأمانة العامة ومكتبها، الإدارة السياسيّة، وإدارة الإعلام والتواصل، والإدارة الرقميّة، والشؤون الإداريّة والماليّة، والإدارة الميدانيّة.

إذاً، إنطلقت مرحلة التغيير في “الكتلة”، لكن الأساس يبقى في كيفيّة تلقّف القاعدة الشعبية لهذه الخطوة، وهل ما إذا كانت القيادة الجديدة المنتظرة قادرة على جذب مناصرين جدد وسط سيطرة الأحزاب المعروفة على الساحة الوطنية والمسيحية؟!