قل أن أعطي للجيش اللبناني أن يحتفل بعيده، الذي يشاركه الفرحة فيه جميع اللبنانيين المؤمنين بالمؤسسة العسكرية وشرفها وتضحياتها الكبيرة ووفائها المطلق لوطنها وشهدائها، بعيدا من التحديات السياسية والأمنية التي لا تنفك تعصف ببلاد الأرز. لن يخرج احتفال هذا العام عن هذه القاعدة التي صارت لازمة. فبعد الفراغ الرئاسي والحرب على الارهاب التكفيري الداعشي في معركة “فجر الجرود” عام 2017 التي خرج منها الجيش منتصرا، ومحررا لبنان واللبنانيين من خطر الارهاب، وبعد الفراغ الحكومي الذي عصف بالبلاد العام الماضي، يحل العيد الـ 74 للجيش هذا العام مثقلا بهموم يعيشها العسكريون المتقاعدون وأولئك الذين لا يزالون في الخدمة الفعلية، بعد اقتطاع بعض من مخصصاتهم في حمأة البحث في موازنة أرادها القيمون عليها إصلاحية مرضية لمانحي مؤتمر سيدر، فيما هؤلاء الجنود قدموا الغالي والنفيس دفاعا عن وطن ما بخلوا عليه يوما بدمائهم وأجسادهم.
وفي وقت تستمر معركة العسكريين المتقاعدين من النواب لتصحيح الخلل الذي اعترى الموازنة على حساب المؤسسة العسكرية وأبطالها، تستعد ثكنة شكري غانم لاستضافة الاحتفال المركزي السنوي الذي يقام في الأول من آب، ويتخلله تخريج تلامذة الضباط دورة عام 2019، من المدرسة الحربية، في حضور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون (وهو الذي كان بدوره قائدا للجيش في واحدة من أدق مراحل تاريخ لبنان الحديث، وخاض معارك كبرى في هذا المضمار) ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، وكبار أركان الحكم والحكومة، والرؤساء السابقين وحشد من الفاعليات السياسية والاقتصادية والديبلوماسية والأمنية.
وفي انتظار التفاصيل اللوجستية للاحتفال، والتي تفضل قيادة الجيش إبقاءها طي الكتمان حتى يوم الأربعاء (أي قبل 24 ساعة من موعد الاحتفال)، تتجه الأنظار إلى كلمة رئيس الجمهورية في هذا الاحتفال، نظرا إلى كونها واحدة من أهم إطلالاته على الرأي العام، كما على الطبقة السياسية والسلك الديبلوماسي والأمني.
غير أن أهميتها هذا العام تكمن بطبيعة الحال في كونها تأتي فيما لبنان يبدو في عين عاصفة سياسية وأمنية أصابت المؤسسات الدستورية بداء الشلل، ليس أقلها الحكومة المعلقة منذ شهر على حبال حادثة البساتين.
وفي السياق، علمت “المركزية أن العيون الديبلوماسية تترقب خطاب رئيس الجمهورية ليس فقط نظرا إلى خطورة الأزمة السياسية التي فجرتها حادثة الجبل، لكن أيضا بالنظر إلى تزامنها مع صدور تقرير الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في بيروت يان كوبيتش حول تطبيق القرار 1701. وينبه مراقبون في هذا الاطار إلى أن صدور هذا الموقف الأممي يتزامن هو الآخر مع الاتهامات التي ساقها السفير الاسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون ضد لبنان، مدعيا بأن معدات ايرانية تصل إلى حزب الله عن طريق مرفأ بيروت، وذلك في سبيل تسهيل تصنيع الصواريخ اللبنانية. موقف تصعيدي استدعى ردا من السفيرة اللبنانية في المنظمة الدولية آمال مدللي التي نفت هذه الاتهامات جملة وتفصيلا، وحضت مجلس الأمن على عدم الوقوف موقف المتفرج إزاء هذا التصعيد من جانب تل أبيب.
وبالعودة إلى ذكرى الأول من آب، اختارت قيادة الجيش إطلاق العنان للاحتفالات منذ اليوم، حيث تفتتح- برعاية قائد الجيش العماد جوزف عون- معرض “ذاكرة الجيش” الذي يستعرض تاريخ المؤسسة من خلال عدد من الصور التاريخية، السابعة والنصف مساء في مركز بيال للمعارض (على أن يستمر حتى يوم الخميس).
وفي السياق نفسه، يحيي الفنانان طوني كيوان ومعين شريف بالاشتراك مع موسيقى الجيش، حفلا موسيقيا للمناسبة نفسها، يقام الثامنة مساء الثلثاء في ساحة النجمة، وسط بيروت.