Site icon IMLebanon

وداعا ساترفيلد.. ومرحبا مشروطة تنتظر شينكر في بيروت

سقطت كل الروايات والسيناريوهات التي تحدثت عن حجم التقدم الذي احرزه مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى سابقا دايفيد ساترفيلد على مستوى ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان واسرائيل. فالموفد الأميركي السابق سلم الأمانة لخلفه دايفيد شينكر بلا أسف بعدما امضى اكثر من ثلاثة اشهر في زياراته المكوكية بين تل ابيب وبيروت من دون ان يحقق شيئا من المهمة التي كلف بها بعد ان توحد اللبنانيون حول مطلب الترسيم المتوازي بين البر والبحر.

وتعترف اوساط دبلوماسية في واشنطن لـ “المركزية” ان لم يكن لدى ساترفيلد اي رهان نهائي وواضح حول امكان تحقيق اي تقدم في عملية الترسيم بين البلدين، بالنظر الى حجم العقبات التي تحول دون مثل هذه الخطة المعقدة ،ولم يكن يدرك المصاعب التي ستواجهه كاملة. ولم يتعظ من تجارب اسلافه بعدم تحقيق اي تقدم منذ العام 2000. فرغم سلسلة المبادرات التي اطلقها فريديريك هوف وخلفه عاموس هولكشتاين بعد العام 2009 ، لم يتمكنا من احراز اي تقدم، رغم اعتقادهما في مرحلة معينة انهما توصلا الى اقتراحات عملية قابلة للتنفيذ لتوزيع الحقوق بين البلدين من دون احتساب ما في النيات الإسرائيلية من مكنونات وما لدى بعض اللبنانيين من مخاوف مستقبلية حول الكثير من استراتيجياتهم في حال اقفل هذا الملف.

وعليه، يعترف احد الدبلوماسيين الأميركيين أثناء لقائه مع مسؤولين لبنانيين اخيرا ان ساترفيلد لم يحتسب يوما اهمية ان يقفل هذا الملف النازف منذ عقود من الزمن في مثل الظروف التي تمر بها المنطقة. فنهاية مثل هذا النوع لن تكون من مصلحة اسرائيل في جزء منها وهي التي بنت سيناريوهاتها  على الخطر الآتي من الشمال باتجاه الجليل. كما بالنسبة الى حزب الله الذي ستنتهي معه كل الحجج التي تبرر وجود سلاح المقاومة في الجنوب ولبنان.

وما بين الحالتين الإسرائيلية واللبنانية التي يقدرها الأميركيون وفي قرارة انفسهم يدركون حجم العقبات التي تحول دون التفاهم الكامل لإقفال الملف. فما هو عالق على محور قرية الغجر وتلال كفرشوبا وشبعا وابقاؤه خارج ما يسعون اليه من ترسيم، سيبقى كمثل “مسمار جحا” من اجل تعليق كل اشكال المفاوضات اينما قادت اليها وهو امر يحتسب بدقة متناهية ويحول دون اتمام مثل هذه العملية.

وفي مقابل هذه الأجواء، يتحدث الدبلوماسيون الأميركيون عن الإستحقاقات المقبلة التي على ساترفيلد مواجهتها في مهمته الجديدة في تركيا. فالعلاقات بين واشنطن وانقرة هي اليوم في ادنى مستوى لم تصل اليه من قبل بين اي دولة من دول الحلف الاطلسي وواشنطن. فازمة شراء الـ S400”” من موسكو لم تعالج بعد في وقت انفجرت فيه ازمة صفقة الـ “F35 ” عندما جمدت واشنطن تسليمها اليها قبل ان تعلق برامج تدريب الطيارين الأتراك عليها واعادتهم الى بلادهم في وقت قياسي اعقب صدور القرار بوقف تزويد سلاح الجو التركي بها.

لذلك، على ساترفيلد ان يقوم بمهمة استثنائية وصعبة للغاية. فالتزامات انقرة تجاه كل من موسكو وطهران باتت تلقي بظلالها على حضورها في الشمال السوري والمنطقة. وقد ذهب الرئيس رجب طيب اردوغان بعيدا في علاقاته مع موسكو التي منحته في أشهر قليلة، ما لم تسمح به واشنطن طيلة سنوات الأزمة التركية الخمس الأولى التي سبقت التدخل الروسي، وهو ما يتصل بحلم تركي راود رئيسها لخمس سنوات بانشاء المنطقة العازلة على طول الحدود مع سوريا وصولا الى منطقة الأكراد في الشمال الشرقي منها حتى مثلث الحدود التركية – السورية – العراقية.

كل ذلك، يفرض على ساترفيلد وضعا يجب ترميمه بسرعة قصوى وخصوصا ان بقيت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مقررة الى تركيا في النصف الثاني من الصيف الحالي. وهو امر يلقي عليه مسؤوليات جساما يحتسبها بدقة مطمئنا الى ان ملف ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل  بات خلفه ليواجه في وقت لاحق ازمة حدودية مماثلة تتوسط فيها بلاده في  قبرص ما بين شطريها التركي واليوناني.