في بلد يغني فيه كل طرف على ليلاه، لا يستبعد ان تكون نهايته مشابهة لنهاية العرس المأسوي في بلدة يونين البعلبكية، فكما اودى الموال الغنائي بحياة ثلاثة أشخاص، تفعل المواويل السياسية المتتالية فعلها في حياة اللبنانيين، وآخرها موال تمثيل المسيحيين في الدولة، والجدل حول المادة 80 من بعده الذي سبب عرقلة مسار الموازنة، التي تنتظر توقيع رئيس الجمهورية.
ورغم أن الدستور اللبناني واضح لا يحتمل التأويل لجهة التوازنات الطائفية وحفظ حقوق الطوائف جمعاء، يسجل انقسام الاحزاب المسيحية في السلطة حول التمثيل المسيحي وكيفية الحفاظ عليه وتعزيزه كمّا ونوعا.
وفي حين أكد “التيار الوطني الحر” ورئيسه وزير الخارجية جبران باسيل أن رفض تمرير المادة 80 والتوجه لمناقشة المادة 95 هو في سبيل الحفاظ على التوازن الطائفي وحماية الوجود المسيحي، يعتبر حزب “القوات اللبنانية” أن تعزيز الوجود المسيحي يتركز على النوعية والكفاءات لا الاعداد.
وفي السياق، أشار أمين سر تكتل “الجمهورية القوية” النائب السابق فادي كرم، لـ”المركزية”، إلى أن “النائب جورج عقيص كان عبّر عن موقف حزب “القوات اللبنانية” حول المادة 80 المتعلقة بحفظ حق الناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية، في جلسة نقاش مشروع الموازنة في مجلس النواب”، لافتا الى “أننا الوحيدون الذين تطرقنا الى كيفية المحافظة على حق الناجحين في مجلس الخدمة المدنية، وطرح الموضوع لجهة تحديد معنى حق النجاح والمحافظة على حق التوظيف او النجاح”، موضحا أن “من يخوض الامتحان ينجح لكنه لا يوظف إلا عند إعلان الدولة عن حاجتها لموظفين جدد”.
وأضاف: “طبعا نريد ان نحافظ على الكفاءات واحترامها، لكن التركيبة اللبنانية معروفة وعلينا المحافظة على الكفاءات من ضمن التوازنات”، معتبرا أن “الناجحين لديهم حق مكتسب وتاليا علينا ايجاد الحل المناسب من خلال النقاش والتفاهم لا بالنزاعات والتحدي والاستفزاز والطائفية”.
وعن تمثيل المسيحيين الضعيف في وظائف الدولة، قال: “ما قبل العام 2005 كان اقبال المسيحيين ضعيفا على وظائف الدولة وكانوا مغيّبين سياسيا، في حين تغيّر هذا الواقع ما بعد الـ2005 والمسيحيون عادوا الى الدولة لكن عودة التوازن تتطلب المزيد من الوقت”، معتبرا أن “على الدولة والمسؤولين كافة تشجيع الشباب المسيحيين على الدخول الى الوظائف العامة تحت عنوان الكفاءة لا المحاصصة”، قائلا: “نحن ضد اعتماد مفهوم المحاصصة في هذا الملف”، معولا على دور مجلس الخدمة المدنية.
وتابع: “نطلب عدم الذهاب الى صراع طائفي لأنه يضر بالمسيحيين وعودتهم الى كنف الدولة”.
واعتبر أن الكلام حول منع “التيار الوطني الحر” تمرير المادة 80 في سبيل الحفاظ على التوازن الطائفي “غير دقيق، لأنه بحسب محضر جلسة المناقشة لم يسجل “التيار الوطني الحر” عموما ووزير الخارجية جبران باسيل خصوصا اي اعتراض لا بالرأي او بالتصويت، والموافقة على المادة تمت بالاكثرية”، مؤكدا أن “عقيص هو الوحيد الذي أعطى رأيه فيها”.
وشدد كرم على “أننا ضد المزايدة والشعبوية في هذا الموضوع”، قائلا: “في وقت كان عليهم ان يعترضوا لم يفعلوا بل لجأوا لوسائل الاعلام بهدف تسجيل نقاط اضافية شعبويا”، معتبرا أن “اسلوب التيار الاستفزازي وأداء الوزير باسيل، ليسا لمصلحة المسيحيين ويضران بهم”، قائلا: “رأس الحربة في الحفاظ على وجود المسيحيين هو من يتمتع بحكمة في المطالبة والنقاش مع الافرقاء الاخرين، خصوصا أن الجميع يريد عودة المسيحيين ويعترف بالتوازنات القائمة”.
وعن الاحصاء الذي نشرته الدولية للمعلومات وفيه ان نسبة المسيحيين انخفضت إلى 30.6% وارتفعت نسبة المسلمين إلى نسبة 69.4%، قال: “هذه الاحصاءات مشبوهة، ولدينا دراسة تقول أن المسيحيين المتواجدين يقدر عددهم بين 38% و41% والى ازدياد”، مضيفا: “اتفقنا على توقيف العدّ مهما كانت النسب، فالعدد لا يؤثر على التوازنات”، خاتما: “هوية لبنان تقوم على التوازنات لا الاعداد”.