كتبت رنى سعرتي في صحيفة “الجمهورية”:
تحوم مؤسسات التصنيف الدولية حول لبنان بعد إقرار موازنة 2019 لتتلمّس جدّية الحكومة في تطبيق الاجراءات الاصلاحية والتقشفية، خصوصاً بعد صدور أرقام المالية العامة عن الاشهر الاربعة الاولى من العام الحالي والتي أظهرت تراجعاً في العجز المالي بنسبة 28 في المئة.
يتواجد وفد من وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني برئاسة توبي أيلز في لبنان حالياً، وقد زار امس وزير المالية علي حسن خليل، في زيارة ميدانية استقصائية للوضع المالي بعد اقرار موازنة 2019 والبدء بالتحضير لموازنة 2020، ويعدّ الوفد تقييمه تمهيداً لاصدار «فيتش» تقريرها الجديد عن لبنان، بعد ان عدّلت نظرتها المستقبلية للبنان الى سلبية في اواخر العام 2018 مما يعني فعلياً تحذيراً من خفض تصنيفها الائتماني العالي المخاطر لهذا البلد (B-).
في غضون ذلك، ينتظر لبنان تصنيفاً جديداً من قبل وكالة «ستاندرد اند بورز» في 23 آب المقبل، وتتخوّف المراجع الرسمية من أن تخفّض الوكالة تصنيف لبنان الى (C) مع ما يترتب عليه من مخاطر وتداعيات سلبية على السندات الحكومية وحامليها، خصوصاً انّها ستكون الوكالة الثانية بعد «موديز» التي تعتمد تصنيف C للبنان.
في المقابل، نوّه مدير دائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار امس، خلال لقائه وزير المالية علي حسن خليل بإقرار الموازنة في المجلس النيابي وبالنقاشات الجدية التي سُجلت حول الإصلاحات المالية. كما نوّه بجهود الوزير في إعداد موازنة 2020 وإصراراه على تقديمها ضمن المهل الدستورية.
وعرض كومار جاه مع خليل للمشاريع المشتركة بين لبنان والبنك الدولي مع تشديد من البنك على دعم القطاعات الاقتصادية، مشيراً إلى أنّ إقرار مسألة تعويضات الاستملاكات ستطلق عجلة مشاريع عديدة من شأنها تحفيز النمو.
في هذا الاطار، قال الخبير المصرفي سمير طويلة، انّ وكالة «ستاندرد أند بورز» لم ترسل بعد أي وفد الى لبنان لاجراء تقييم وتحديث معلوماتها وارقامها، وبالتالي لا يمكن ان تكون الوكالة قد اتخذت قراراً بخفض تصنيف لبنان كما يُشاع.
وفيما استبعد ان تُقدِم S&P على خفض تصنيف لبنان، قال طويلة لـ«الجمهورية»، انّ المؤشرات المالية والاقتصادية في تحسّن، وقد تمّ اقرار موازنة 2019 ويتم البحث في موازنة 2020 التي ستتضمّن مزيداً من الاصلاحات على ان تتمّ احالتها الى مجلس الوزراء في غضون اسبوعين، «وبالتالي لا داعي للتوجّه نحو خفض تصنيف لبنان».
أضاف: «في الشقّ السياسي، للأسف هناك مزيد من التأزيم يومياً، لكنّ هذا التعثر الحكومي وعدم انعقاد مجلس الوزراء قد يُحلّان بين ليلة وضحاها، وتعود الامور الى طبيعتها».
على الصعيد النقدي والمالي، اشار طويلة الى انّ سعر صرف الليرة ليس مهدداً كما يقال، «والوضع الاقتصادي في تحسّن. لكن ذلك لا يعني اننا تجاوزنا الأزمة الكبرى، بل انّ بعض المؤشرات الايجابية بدأت في الظهور».
وتابع: «القطاع المصرفي حذر جدّاً في هذه الفترة لأنّه حريص على اموال المودعين وحريص على الاموال التي يوظفها في السندات الحكومية. كما ان القطاع المصرفي حريص على ان يبقى من الاكثر ملاءة وفقاً للمعايير الدولية وقواعد بازل 3».
وعمّا إذا كانت الاجواء السلبية التي تسبق تقرير S&P تؤثر على جذب الودائع من الخارج ضمن سياسة رفع الفوائد المعتمدة حالياً، اكّد طويلة انها سياسة معتمدة في الوقت الضائع الى حين الحصول على اموال «سيدر» «حيث اننا بحاجة الى ودائع اجنبية في الفترة الحالية، وقد استطعنا جذب حوالى مليار دولار لغاية الآن».