كتبت لينا الحصري زيلع في صحيفة “اللواء”:
عند خروج رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري منذ اربعة اسابيع بالتمام والكمال للاعلان عن تأجيل جلسة مجلس الوزراء بعيد تعطيلها من قبل التيار الوطني الحر ورئيسه وزير الخارجية جبران باسيل يومذاك، توقع يومها ان تأجيل الجلسة سيكون لمدة 48 ساعة لاجراء الاتصالات والمشاورات لعقد جلسة حكومية منتجة، ولكنه لم يعلم حينها ان أبعاد قضية البساتين ستكون اكبر من البلد ومصالحه، فالتعطيل لا يزال ساري المفعول من خلال إبقاء جلسات مجلس الوزراء معلقة الى امد غير معلوم.
مصادر وزارية تؤكد لـ«للواء» ان الرئيس الحريري لا يزال على موقفه الرافض لابقاء جلسات الحكومة رهينة لدى بعض الاطراف بسبب تمسكهم ببعض المطالب الخاصة، وتشير المصادر الى ان رئيس الحكومة لا يزال يبذل كل الجهود الممكنة للوصول الى تفاهمات مشتركة بين جميع الاطراف لاستئناف الجلسات الحكومية، وتنقل عنه تفاؤله بالوصول الى حل قريب للموضوع على رغم اجهاض كل الحلول التي طرحت في السابق.
وتؤكد المصادر ان اللقاء الذي جمع بعد ظهر أمس الرئيس الحريري مع رئيس مجلس النواب نبيه بري يأتي في هذا الاطار، خصوصا ان لدى الرجلين الهدف ذاته والرؤية نفسها بضرورة تقديم جميع الاطراف التنازلات والسير بالحلول المقترحة، او البحث عن اراء جديدة من اجل تدوير الزوايا وانهاء هذه القضية التي لا تخدم مصلحة البلد في الدرجة الاولى.
من هنا، فإن المصادر تتوقع ان يشهد الاسبوع الحالي المزيد من الاتصالات والمشاورات من اجل تسهيل عقد جلسة لمجلس الوزراء، وذلك الاسبوع المقبل في ابعد تقدير.
وتذكّر المصادر بانه في حال لم يعقد المجلس جلسة له، يكون البلد قد دخل في ازمة حقيقية، خصوصا ان بداية الثلث الثاني من الشهر الجاري سيصادف عطلة عيد الاضحى، وفي الخامس عشر ستكون هناك عطلة عيد انتقال السيدة العذراء، مما يعني ان هناك عددا من الوزراء سيكونون في عطلة خارج البلاد كذلك ربما الرئيس الحريري.
وتشير المصادر إلى انه لا يمكن تأجيل مصالح الناس والبلد اكثر من ذلك، خصوصا ان على الجميع الاعتراف بأن مصلحة لبنان يجب ان تكون اكبر من الجميع ايا تكن مصلحته الشخصية والخاصة.
وتستغرب المصادر توقيت تفجير عدد من الملفات بوجه الحكومة ورئيسها، وهي لا تستبعد ارتباط الامر بعضه ببعض، خصوصا بالنسبة الى الملف الذي استحوذ على اهتمام سياسي نهاية الاسبوع الماضي وهو ملف قانون الموازنة وعدم توقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عليه بسبب المادة 80 منه، وتنفي المصادر ان تكون هذه المادة جاءت كتهريبة كما تقول بعض الاطراف، وتدعو المصادر الوزارية رئيس الجمهورية لاستمراره بلعب دوره الطبيعي كحكم بين الجميع، وتفصله عنهم مسافة واحدة وهو «اب الكل» كما يدعي.
وتعتبر المصادر ان انزعاج الرئيس الحريري من هذا الموضوع بالتحديد بدا واضحا من خلال المواقف النارية التي اطلقها عدد من نواب كتلة «المستقبل» النيابية تجاه الوزير جبران باسيل فيما خص المادة 80 وحفظ حقوق الناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية. وتعتبر المصادر ان عدم حفظ حقوق هؤلاء المواطنين قد يشكل احباطا لدى شريحة كبيرة من الشباب التي لا تزال تؤمن ببقائها بلبنان ولكي تنال فرصة خدمته.
وتعترف المصادر الوزارية بأن الاوضاع الاقتصادية والمالية اصبحت في خطر حقيقي، وعلينا جميعا الاعتراف بذلك وعدم الاختباء وراء اصبعنا، او دفن رأسنا بالتراب كالنعامة، فقبل الحديث عن التزامات اصلاحات مؤتمر «سيدر» ومشاريعه وخطة «ماكنزي»، علينا القيام بأبسط الامور لانقاذ اقتصادنا، وهذا الامر بطبيعة الحال كما تقول المصادر يحتاج لعودة مجلس الوزراء للقيام بمهامه في اسرع وقت ومن دون اي شروط، لان الوضع لم يعتد يحتمل المزيد من المماطلة والتعنت.