كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الاوسط”:
من المتوقع أن تحدد وزارة الداخلية اللبنانية، قريباً، موعداً لانتخابات فرعية في قضاء صور بجنوب لبنان بعد شغور مقعد النائب عن «حزب الله» نواف الموسوي، نتيجة استقالته على خلفية اتهامه باقتحام مركز أمني بعد خلاف بين ابنته وطليقها.
وينص قانون الانتخاب على أن يُحدد موعد أي انتخابات فرعية خلال شهرين كحد أقصى بعد شغور مقعد نيابي ما، على أن تحصل هذه الانتخابات على أساس النظام الأكثري، لا النسبي، الذي جرى على أساسه الاستحقاق النيابي في أيار 2018.
ويبدو محسوماً أن قضاء صور لن يشهد معركة انتخابية حقيقية، نظراً إلى التفاوت الكبير في الأصوات الذي تم تسجيله لصالح الثنائي الشيعي، وإن كان مراقبون لا يستبعدون حصول الانتخابات وتفادي التزكية من منطلق أن «حزب الله» قد يستفيد من التصويت «لعرض عضلاته»، نظراً إلى الأرقام الكبيرة المرتقب تحقيقها.
وتضم اللوائح الانتخابية في صور أسماء 193 ألف ناخب، اقترع منهم في الانتخابات الماضية 91390. وأشار الباحث في شركة «الدولية للمعلومات» الخبير الانتخابي محمد شمس الدين، إلى أن الثنائي «أمل – حزب الله» حصد في قضاء صور في الانتخابات الأخيرة 82 ألف صوت مقابل 4 آلاف صوت فقط لمعارضيه، ما يجعل أي معركة مقبلة محسومة النتائج.
وللمفارقة، فإن النائب الموسوي الذي قدم استقالته حصد أعلى عدد من الأصوات في قضاء صور، إذ بلغ عدد ناخبيه 24379 في وقت بلغ عدد الأصوات التي نالها منافسه 1382 صوتاً، باعتبار أن لائحتين فقط كانتا تتنافسان في دائرة الجنوب الثانية.
وقالت مصادر مطلعة على أجواء «حزب الله»، لـ«الشرق الأوسط»، إنه من المبكر أن يحسم الحزب، ويعلن اسم مرشحه لملء المقعد الذي شغر مع استقالة الموسوي، فيما استبعدت مصادر معارضة للحزب أن تتقدم أي شخصية منها لخوض الانتخابات، لأن لا مصلحة لها في ذلك كون النتائج شبه محسومة.
واعتبر شمس الدين أن مصلحة «حزب الله» ورغبته هي بحصول انتخابات لا تزكية «لإظهار قوته الشعبية» في هذه المنطقة، لافتاً إلى أن «أي منافس لمرشحه قد لا يكون حتى من معارضيه المعروفين في هذه الدائرة، الذين هم بشكل أساسي من (الحزب الشيوعي)». وأشار إلى أن تكلفة الانتخابات قد تفوق مليوني دولار، وهي تكلفة يمكن تفاديها في حال حصول تزكية.
ورأى الكاتب المتخصص في شؤون «حزب الله» قاسم قصير، أنه «من المبكر الحسم بما إذا كنا سنشهد على تزكية لمرشح (حزب الله) في صور، خصوصاً أن الحزب أصلاً لم يحدد بعد اسم مرشحه، أضف أنه لم يتم تحديد موعد الانتخابات من قبل وزارة الداخلية، والمفترض أن تحصل قبل 19 سبتمبر (أيلول)». وأشار قصير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الحزب قد يجد في هذه الانتخابات فرصة لـ«استعراض قوته» باعتباره يدرك تماماً أن نتائج أي مبارزة محسومة، وهو ما تؤكده الأرقام التي نالها نوابه في الانتخابات الأخيرة.
واستبعد قصير تماماً أن يكون لجمهور «حزب الله» ردة فعل على قرار الحزب حث الموسوي على تقديم استقالته، مرجحاً أن تكون هناك حالات اعتراض فردية لا ترتقي لحجم الاعتراض الكبير الذي يكون له أي انعكاس في صناديق الاقتراع: «أضف إلى ذلك أن الكل يعلم بمدى تماسك القاعدة الشعبية للحزب، التي لن تتأثر لا شك بالإجراء المتخذ بحق الموسوي الذي أعلن أنه أراد من خلال استقالته تحمل مسؤولياته، لا تحميل (حزب الله) تبعاتها»، مؤكداً جهوزيته لكل ما يترتب عن هذه المسؤوليات.
تأتي استقالة الموسوي على خلفية اقتحامه مخفراً للشرطة في منطقة الدامور في جنوب بيروت، بسبب خلاف عائلي بين ابنته وطليقها. وهاجم مرافقو الموسوي طليق ابنته الذي كان اتهم بمعاكستها على الطريق السريعة ليلاً، ووضع حياتها في خطر. وتلا رئيس المجلس النيابي نبيه بري، استقالة الموسوي خلال جلسة مناقشة الموازنة الأسبوع الماضي ما جعلها تلقائياً نافذة.