كتب عماد موسى في صحيفة “نداء الوطن”:
أزيلت يافطة “سوق الأحد باقٍ باقٍ باقٍ” التي رُفعت على مدخل السوق الشعبي قبل شهرين رفضاً لنقل السوق إلى منطقة الكرنتينا حيث وُلِد ذات يوم سوق إستهلاكي واختفى.
دخلت إلى “السوق” دخلة المشتاق. أدهشتني كميات الأحذية والصنادل المفروشة على البسطات. أحذية تكفي جمهورية الفقراء. مضى عقدان ونيّف على آخر زيارة تسوق واستطلاع وكان السوق يُقام في الهواء الطلق. أدركتُ مسبقاً أن رئتيّ معرضتان لشتى أنواع الروائح لكن يقيني أنها تبقى أخف وطأة من الروائح الكريهة المنبعثة من منطقة مجاورة لمطار رفيق الحريري الدولي. شاطئ الكوستابرافا! تظن أنه ندّ لشاطئ سان تروبيه (أو تروبيز) أو شاطئ الكوباكابانا في بلاد شقيقتنا الكبرى: البرازيل.
نسيت مسألة الروائح وأنا أراقب عكلي ( أي ذكر حمام) “يُجَعلك” حمامة ويحاول أن ينال منها غير عابئ بنظرات الفضوليين. حمام وفراخ بط وهررة وفئران بيض تتجاور في دكانة بأقفاص كثيرة. كتب مشقوعة من دون تركيب “طفولة نهد” لنزار قباني فوق “كفاحي” للكاتب الملهم أدولف هتلر. رائحة القرنبيط المقلي تبعد الجوع عنك ألف سنة ضوئية. وكوب الليمون المعصور أمامك يضاعف عطشك مرات.
استوقفتني آرمة تفيد بأن قنينتي عطور باب أول بخمسة آلاف ليرة، فماذا عن “الباب التاني”؟ وذيّل اعلان العطور بشعار: “عطرك سحرك”. لم أجرؤ على شم العطر الذي قدمه إلي العطار بقارورة شمّها ألف أنف. وسمعت في جولة المشتاق صوتا ينادي: أي كنزة بخمسة آلاف يا ريّس. أي كنزة بخمسة آلاف يا ريس. أين ريّس المحل؟ سألتُ، وما وجدته ميكروفوناً معلقاً في السقف ينادي لوحده فيما صاحب المحل يغط في نوم مهيب فوق مجموعة سوتيانات من كل القياسات. والسوتيان كمان بخمسة آلاف. أسعار بالأرض. وبعد قليل بدأ كوكتيل ولاحظت كمتتبع لحال السوق، أن أسعار “سوق الأحد” العريق لا تفرق كثيراً عن أسعار سوقي جونيه وبرج حمود وعن محلات الـ outlet وأحدها وصلت تنزيلاته إلى حدود الـ 80 والـ 90% فاتخذت إدارته قراراً كبيراً قضى بمنع القياس في الغرف. وإذا كان محمد اسكندر “بياخد قياس الخصر عالغمرة” فأنت ليس أمامك سوى “أخد قياس السروال” القصير عالنظرة.