لا تتطابق الاجواء الايجابية التي يتم تعميمها في شأن قرب بلوغ الحل لأزمة البساتين والحديث عن طرح جديد جدي سيبرز خلال ساعات من باب مبادرة مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم التي يتحرك لأجلها بين المقار المعنية، لا مع المعطيات التي تتمخض عن الحراك ولا مع المواقف الصادرة خلاله. فمجرد رصد مواقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ووزير التربية اكرم شهيب، يكفي لتلمس الاتجاهات التي تسلكها الازمة.
فالزعيم الاشتراكي لا يتوانى عن اعلان خشيته من “الخديعة” في مجلس الوزراء، ويرى أن غياب وزير واحد من الفريق الذي يُعلن دعمه له، سيؤدي إلى إحالة الملف على المجلس العدلي، وهو ما يعتبره هزيمة سياسية كبرى.
ويتخذ الموقف اهميته من كونه اعقب آخر لجنبلاط طلب فيه ضمانات مباشرة من حزب الله، وكلاما لمفوض الاعلام في الحزب رامي الريس اوضح فيه ان “طالما ان الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله تولى الحديث في موضوع مشكلة البساتين، فمن الأفضل أن يتم التواصل مباشرة مع الحزب التقدمي الاشتراكي”.
اما الوزير شهيب فأعلن ان “الحزب الاشتراكي يرفض التصويت في مجلس الوزراء على خيار المجلس العدلي، لأنّ من شأن القبول بمبدأ التصويت تثبيت نظرية الكمين التي لا نقرّ بها”، لافتا الى انّ “مسألة المجلس العدلي لم تعد قضائية فحسب، بل اصبحت تكتسب بُعدا سياسيا”، مشيرا إلى أن “حزب الله” “يملك القرار كما تبيّن من المقابلة التلفزيونية للسيد حسن نصرالله وخطابه الاخير، ولذلك طلب جنبلاط ان نتحاور مباشرة مع مندوب عن الحزب.”
في المختصر، وأمام ما بلغته الازمة من تعقيد، ومن شعور لدى رئيس الاشتراكي بإصرار الفريق الآخر على استهدافه لكسر زعامته الدرزية التي لطالما شكلت بيضة القبّان في المعادلات والقرارات السياسية، يذهب جنبلاط الى النهاية في الدفاع عن نفسه وموقعه، وهو للغاية يطلب التواصل مع الخصم الاساسي في المعركة، حزب الله، وليس طلال ارسلان الذي يشكل واجهة للازمة لا اكثر.
في تأكيد لصحة رؤية جنبلاط ازاء ما يجري، تقول مصادر سياسية مطّلعة، لـ”المركزية”، ان “مكمن العقدة الحقيقية ليس في حادثة البساتين، على اهميتها، بل في الهدف من خلف المطالبة بالاحالة على المجلس العدلي والاصرار على كسر جنبلاط لفرض زعامة درزية بديلة ترجح كفة الميزان في اي قرار لمصلحة حزب الله وفريقه السياسي”.
وتضيف: “ان الحزب المعلومة قدراته على حلفائه يملك من “المونة” ما يمكنه بكلمة او اتصال هاتفي من قلب الابيض اسود والعكس. فلو اراد ثني ارسلان عن المطالبة بالإحالة على مجلس العدلي لطويت الازمة منذ زمن، وسلكت طريقها القانوني المنطقي. بيد ان الحزب المحرّك الاساس لإرسلان اراد عبر حادثة البساتين توجيه رسائل في اتجاهات عدة في مرحلة يتعرض فيها لضغط كبير يتعاظم باضطراد حتى يكاد يخنقه”.
وتتابع: “بمحاصرة الرئيس سعد الحريري عبر ورقة تعطيل جلسات مجلس الوزراء يوجه رسالة اولى لخصمه اللدود المملكة العربية السعودية، في مضمونها ان القرار والكلمة في لبنان للحزب لا غير، فهو ساعة يشاء يعطّل المؤسسات الدستورية كما فعل ابان الازمة الرئاسية التي “فرض” بنتيجتها انتخاب مرشحه، وخلال تشكيل الحكومة بـ”فرض” الوزير السني من خارج فلك تيار المستقبل، وبتنازل جنبلاط عن الوزير الدرزي الثالث، وأن زيارات رؤساء الحكومات السابقين للمملكة وكل الاصوات السنيّة التي تدور في فلكها لن تغير قيد انملة في تحكم الحزب بالقرار اللبناني. وثانية لجنبلاط ومن خلفه حليفه الخارجي روسيا، مفادها ان مفتاح الحل والربط في لبنان في جيب الحزب ومن يريده يجب ان يتواصل معه، وثالثة للولايات المتحدة الاميركية التي “يزكزكها” بالتصويب على محور داعمي سياستها في لبنان وعلى المصارف التي تطبق قانون العقوبات المفروض عليه بالحملات التي يشنها بين الحين والاخر عليها وعلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة”.
وتختم المصادر بالاشارة الى ان ازمة البساتين “لن تنتهي الا حينما تؤدي الغرض الذي يتطلع اليه حزب الله من خلفها على امل الا يبلغ نقطة سقوط الهيكل على رؤوس الجميع اذا لم يكن له ما يريد في السياسة، وليس فتح باب النقاش في المادة 95 من الدستور الا اول الطريق”.