كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
مع عودة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الى لبنان، يفترض أن تتحرك الاتصالات المتعلقة بايجاد المخرج الملائم لملف قبرشمون. كل صيغ الحل التي طرحها الجنرال اصطدمت برفض هذا الطرف او ذاك حتى كاد الرجل ان يقع في حيرة. يقول “الاشتراكي” انه اجتهد في طلب تدخل الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله شخصياً من اجل حل المشكلة ما فسره الحزب على انه ضمانات، في حين يؤكد “حزب الله” انه تلقى بالفعل طلباً من جنبلاط بضمانات معينة في حال احالة الملف الى المجلس العدلي وانه لم يُجب الزعيم الدرزي على مطلبه. وبين تأكيد الطلب ونفيه يبدو ان الثابت الوحيد هو ان فجوة الخلاف بين “الاشتراكي” و”حزب الله” الى توسع.
ولم يعد الحديث همساً او مواربة او حكي سرايا، بل ان انقطاع آلتواصل بين حارة حريك والمختارة أدى الى تفاقم الأمور بين الطرفين على النحو الذي يشهده انسداد الأفق في العلاقة بين وليد جنبلاط وطلال أرسلان والذي يكاد يلامس الانفجار. وهكذا فإن عودة الخلاف الجنبلاطي اليزبكي من بابه العريض على الساحة الدرزية حصلت مع تبدل الحلفاء وتغير الظروف باستثناء ان ساحة الصراع هي ذاتها.
ويحاول “حزب الله” ان يبعد هذه الشبهة عنه على قاعدة “أن جسمه لبيس” في الملمات، فكيف الأمر إذا كان بين حليف قريب كأرسلان وبين غير حليف يقف مترقباً على الضفاف. ولا يتردد بعض قيادات حزب جنبلاط في القول ان المشكلة هي مع “حزب الله”.
وفي تفسيره لخلفيات طلب جنبلاط ضمانات عبر اللواء ابراهيم يرى “حزب الله” ان “زعيم الاشتراكي حاول القول ان المشكلة ليست مع طلال أرسلان، ولا مع أي طرف آخر، بل معه هو واذا تفاهمنا معه تحل المشكلة”. ويعتبر ان “جنبلاط بدأ مشكلته مع جبران باسيل، ثم مع أرسلان ويحاول اليوم ان يعطيها بعداً دولياً بناء على نظرية تطويقه”.
ما فهمه “حزب الله” من طلب جنبلاط “انه طلب لقاء السيد نصرالله ،حيث يصار الى إيجاد حل للمشكلة وهو قال إذا ضمنتم لي ان المجلس العدلي لن يتخذ أي إجراء ضدي أو ضد الوزير اكرم شهيب فمستعد لأن أعيد النظر بالموضوع”.
يريد جنبلاط ان يقول ان المشكلة هي مع “حزب الله” الذي بإمكانه وحده ايجاد حل للخروج من الازمة، في حين ان “الحزب” يعتبر انه ليس طرفاً في المشكلة كي يكون طرفاً في الحل ولذا فهو آثر عدم الرد على الرسالة.
ولكن السؤال الى اين يمكن ان تصل حال العداء بين الطرفين او ماذا يريد “حزب الله” من جنبلاط؟
“لا يريد حزب الله من وليد جنبلاط أي شيء”، تقول مصادر مطلعة على اجواء “الحزب”. وتنقل: “لا نحاصره ولا نية لنا بالعمل ضده ضمن طائفته ولا افتعال اي مشكلة في مواجهته. قلق جنبلاط في مكان آخر، في سوريا وليس مع حزب الله ابداً ونحن لنا حلفاء وطبيعي ان ندعمهم”.
والى اي متى سيستمر العداء؟ يريد رئيس مجلس النواب نبيه بري ان يصلح ذات البين بين “حزب الله” وجنبلاط،”انما لا يمكن أن يتم الصلح، كان الخلاف منظماً معه في السياسة الى حين واقعة عين دارة ثم قبرشمون، جنبلاط “عامل السبعة وذمتها معنا” ورغم ذلك فنحن لا نحاصره ولا نفتعل له المشاكل داخل طائفته”.
في المقابل ينفي “الاشتراكي” طلب ضمانات من “حزب الله” حول المجلس العدلي. وقالت مصادر قيادية فيه: “إن جنبلاط لم يطلب ضمانات من احد”، في حين قالت مصادر مطلعة على اجواء “الاشتراكي” إن “ما حصل هو ان اللواء ابراهيم فاتح حزب الله بأن المشكلة لم تعد مقتصرة على الخلاف بين طلال ارسلان وجنبلاط بل تحولت الى أزمة، يصبح حلها ممكناً إذا تدخل السيد حسن نصرالله شخصيا”.
وعن حقيقة ما يريده جنبلاط فعلاً قالت المصادر: “في حال إحالة الملف الى المجلس العدلي أن يضمن ألا يتمّ التعاطي معه كما سبق وتمّ التعاطي مع قضية سمير جعجع من قبل، يريد التأكد من اسم القاضي الذي سيتسلم الملف وحجم التوقيفات وهل المطلوب النيل من شخصيات قيادية في الحزب؟”.