كما في كل عام، تشخص أنظار اللبنانيين المؤمنين بالدولة وسيادتها ووحدة سلاحها الشرعي على أراضيها، في الأول من آب، إلى الكلية الحربية ليعيّدوا مع المؤسسة العسكرية عيدها، وهي التي تطفئ غدا شمعتها الـ 74 استعدادا ليوبيلها الماسي العام المقبل.
لا يختلف اثنان على أن عيد الجيش يحمل كل عام رمزية استثنائية نظرا إلى كونه محطة لتكريم أبطاله الذين لم يتوانوا عن الذود بدمائهم عن وطن ما انفكت التحديات والحروب والأزمات تنهش جسده النحيل، ولأداء تحية الوفاء لجنوده وقيادته الذين يرافقون الناس كظلّهم في كل محطاتهم السعيدة والحزينة للسهر على أمنهم وحمايتهم وراحتهم. على أن الأهم يكمن في أن احتفال المدرسة الحربية الذي بات تقليدا سنويا ينتظره لبنان الرسمي والشعبي على حد سواء لتجديد الولاء للوطن السيد الحر المستقل ولمؤسساته العسكرية والأمنية الشرعية دون سواها، كما لمد الجيش بمزيد من الشباب الشجعان الذين لا يخشون حربا ولا يهابون عدوا، ولا يخيفهم الاستشهاد في سبيل الوطن، شأنهم في ذلك شأن العديد من رفاق الشهادة الذين شاركوا في الحروب المتتالية ضد العدو الاسرائيلي، كما في حرب مخيم نهر البارد التي أجهضت حلم إقامة إمارة إسلامية في لبنان، في مهده، إضافة إلى تحقيق النصر مجددا في مواجهة التنظيمات الارهابية في معركة “فجر الجرود” التي أطلقها قائد الجيش العماد جوزف عون، تحت أنظار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في آب 2017، وهو الذي تبوأ منصب قيادة الجيش في واحدة من أدق مراحل تاريخ لبنان الحديث.
إذا، تستعد المؤسسة العسكرية، لتضم بين صفوفها رسميا، واعتبارا من يوم غد 166 ضابطا جديدا من تلامذة المدرسة الحربية، علما أن الاحتفال الرسمي يشهد تسليم السيوف إلى 90 ضابطا جديدا في قوى الأمن الداخلي، 11 من عداد المديرية العامة للأمن العام، و2 من عداد المديرية العامة للجمارك.
على أن الانظار ستبقى متجهة إلى كلمة راعي الاحتفال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، التي من المنتظر أن يلقيها على مسامع رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري وعدد من أركان الحكم والحكومة، إضافة إلى أعضاء السلكين الديبلوماسي والعسكري والأمني.
ومن المفترض أن يتطرق عون في كلمته إلى الأوضاع الراهنة على الساحة المحلية، خصوصا على وقع الشلل الحكومي الاذي نتج من حادثة الجبل الأخيرة، إضافة إلى إقرار الموازنة التي سببت ندوبا في علاقات السلطات الرسمية مع العسكريين المتقاعدين، الذين أبدوا خشية إزاء احتمالات المس برواتبهم ومخصصاتهم، شأنهم في ذلك شأن زملائهم الذين لا يزالون في الخدمة الفعلية.
وتتزامن كلمة عون في الاحتفال أيضا مع عودة إسرائيل إلى العزف على وتر توجيه الاتهامات إلى حزب الله في شأن إقامة مصانع للأسلحة الايرانية في بيروت، والاستحصال على المواد اللازمة لذلك من باب مرفأ بيروت، على ما ادعاه السفير الاسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون ونفته سفيرة لبنان في المنظمة الدولية آمال مدللي جملة وتفصيلا، داعية مجلس الأمن إلى التصرف إزاء هذه التهديدات.