لا يتوقّع ان تحمل الانتخابات العامة الإسرائيلية بنسختها الثانية المقرر إجراؤها في 17 ايلول المقبل الكثير من المفاجآت، حتى وان كانت ادوات المعركة الانتخابية بدأت تظهر من خلال خريطة التحالفات بين احزاب اليمين واليسار والوسط وتحالف ازرق-ابيض المعروف بتحالف الجنرالات، اذ ان معظم استطلاعات الرأي التي تصدر تباعاً منذ حلّ الكنيست الحالي تصبّ حتى الان في تظهير التقارب في عدد مقاعد “الليكود” “وازرق- ابيض” دون قدرة اي منهما على تشكيل ائتلاف حكومي منفرداً.
وتسعى الاحزاب الرئيسية في اسرائيل الى توسيع بيكار تحالفاتها، لاسيما مع الاحزاب الصغيرة لضمان الفوز بأكبر عدد ممكن من المقاعد داخل الكنيست، ما يُعزز من رصيدها السياسي في عملية تشكيل الحكومة ورئيسها.
وتدخل الملفات الداخلية الخلافية في المعركة الانتخابية كسلاح “فعّال” لاضعاف الخصم وبالتالي التخفيف من حضوره النيابي والحكومي في المستقبل، وهو ما تعمل عليه الاحزاب المعارضة لرئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو التي تتكتّل في وجه مستخدمةً ملف الفساد الذي يطاله وزوجته لضرب شعبيته عشية فتح صناديق الاقتراع.
ولا يبدو ان نتنياهو سيُترك وحيداً يواجه الضغوط الداخلية التي يتعرّض لها والمعارضة الشرسة القائمة بوجهه، اذ تبذل الادارة الاميركية جهودا لتأمين عودته الى الحكم باكثرية مُريحة لضمان رئاسته للحكومة بشكل “هادئ” من دون ازمات سياسية مع المعارضة تُعيق فترة ولايته في السلطة.
وتأتي في هذا السياق زيارة مستشار الرئيس الاميركي دونالد ترامب صهره جاريد كوشنر الى المنطقة قريباً في مهمة ترمي الى تسويق مشروع السلام مجدداً بعد ادخال تعديلات عليه.
وتريد الولايات المتحدة من هذه الزيارة ان تُشكّل “رافعةً” سياسية لنتنياهو في وجه خصومه، وذلك استكمالا لسلسلة “الهدايا” السياسية التي قدّمتها ادارة ترامب له عشية الانتخابات التشريعية في نسختها الاولى في نيسان المقبل، بدءاً بقرار نقل السفارة الاميركية الى القدس الى الاعتراف بسيادة اسرائيل على منطقة الجولان.
اما عن سبب تمسّك واشنطن بنتنياهو لولاية جديدة، تشير اوساط دبلوماسية غربية لـ”المركزية” الى “ان ترامب يعتبره شريكاً اساسياً في مشروع السلام المعروف بـ”صفقة القرن”، وبالتالي فان وجوده في السلطة في اسرائيل امر ضروري لتنفيذ المشروع في المرحلة المقبلة”.
وفي غمرة التصعيد القائم في المنطقة بين الولايات المتحدة وايران الذي يُترجم حوادث براً وبحراً في منطقة الخليج ومضيق هرمز، تعتبر الاوساط الدبلوماسية “ان وجود نتنياهو على رأس حكومة اسرائيلية امر ضروري لمواكبة تطورات كهذه، خصوصاً انه من الداعمين لسياسة واشنطن في تقليم اظافر طهران في المنطقة وضرب اذرعها العسكرية لاضعافها، وهي تُترجم ذلك بسلسلة غارات تُنفذّها من وقت الى اخر ضد نقاط عسكرية تابعة للقوات الايرانية وحلفائها في سوريا”.
واكثر من ذلك، يدعم نتنياهو بقوّة الرئيس ترامب في توجيه ضربة عسكرية الى ايران بسبب عدم التزامها بالاتفاق النووي وليس الاكتفاء بسياسة فرض العقوبات الاقتصادية ضدّها، وهو ما يرفع من رصيده السياسي لدى حليفه ترامب. تختم الاوساط.