Site icon IMLebanon

تفسير المادة 95 باب على “كارثة” مسيحية؟

من مدخل الموازنة والمادة 80 منها، فتح رئيس الجمهورية ميشال عون باب تفسير الدستور على مصراعيه. فالرسالة التي وجهها الى مجلس النواب عبر رئيسه نبيه بري على خلفية غياب المناصفة الطائفية في نتائج مباريات مجلس الخدمة المدنية، ولئن كان النقاش فيها سيتأخر حتى تشرين الاول المقبل مع افتتاح الدورة العادية غير ان درب هذا النقاش محفوف بالمخاطر نسبة لما يتربص به من طروحات واقتراحات وابواب واسعة ستُفتح على ملف يتسم بقدر عال من الحساسية، ليس اقلها المطالبة بالغاء الطائفية السياسية بعد تشكيل هيئتها الوطنية المنصوص عنها في الدستور، ما يعني عمليا تغليب الديموقراطية العددية على الديموقراطية التوافقية التي تظلل الحياة السياسية راهنا.

وفي حين اكد رئيس الجمهورية في كلمته خلال الاحتفال بالعيد الـ74 للجيش ان اتفاق الطائف الذي التزمتُ بتطبيقه في خطاب القسم، والتزمَت به الحكومة كذلك في بيانها الوزاري، يُشكّل مظلة لنا لحماية الميثاق الوطني، عبر صون حقوق الجميع، وإحقاق التوازن بين مختلف شرائح المجتمع ومكوناته. ولا يمكن بالتالي لأي ممارسة أو موقف، أن يناقضا روحيته”، اعتبرت مصادر سياسية مسيحية عبر”المركزية” ان مجرد ولوج عتبة تفسير مادة في الدستور لا سيما اذا كانت الـ95 بما تتسم به من دقة كونها ليست من طبيعة تقنية عادية بل طائفية مذهبية تمس بتكوين البلد، سيفتح الباب تلو الآخر على نقاشات محفوفة بالمخاطر خصوصا اذا ما صدقت نظرية بعض من يقلقه هاجس المثالثة ويعتبر ان “الثنائي الشيعي” يتطلع اليها كهدف اساسي اذا ما حان موعد عودة حزب الله الى كنف الشرعية وتسليم سلاحه للدولة، بحيث تشكل تعويضا سياسيا عن الخسارة العسكرية وتؤمن له استمرار “فائض القوة” الذي يجعله اللاعب الاقوى على الساحة اللبنانية راهناً. واذ تشير المصادر الى ان الرئيس بري الذي لا ينفك يطالب بالغاء الطائفية السياسية ويرى فيها الحل لكل ازمات لبنان، لن يفوّت فرصة من هذا النوع لتأكيد تمسكه بوجوب انشاء الهيئة بعدما دخلنا في المرحلة الانتقالية. وتلاحظ ان المادة 95 التي قال اليوم مستشار رئيس الحكومة عمار حوري انها “مادة واضحة باتجاه الدولة المدنية وإلغاء الطائفية السياسية، وان خلفية طرحها هي لأسباب انتخابية آنية او انتخابية رئاسية، بحيث يحاول فيها البعض شد العصب، ولكن هذا سيؤدي الى صلابة في شريحة محددة في المجتمع والى استعداء شريحة كبيرة اخرى”، واضحة وتراعي مقتضيات الوفاق الوطني، فلو اراد المشرعون المناصفة في كل فئات الوظائف لما حصروها بالفئة الاولى التي تؤمن التوازن الطائفي المطلوب، بل تركوا التوظيف مفتوحا امام الكفاءات والخبرات بعيدا من الطائفية.

في هذا المجال، يوضح النائب السابق بطرس حرب الذي شارك في مؤتمر الطائف لـ” المركزية” ان ما تم التوصل اليه من اصلاحات دستورية على انواعها لم تكن تنازلات من هذا الفريق لذاك او من طائفة لاخرى او من فريق سياسي لاخر، انما لمصلحة الوطن. اما القول بأن ثمة من يسعى اليوم الى استعادة حقوق المسيحيين المسلوبة، فليس دقيقا، ما دام الجميع قدم تنازلات آنذاك من اجل وقف الاقتتال وقد وافق جميع الزعماء المسيحيين على الاتفاق بمن فيهم الرئيس عون الذي حصر معارضته بالشق المرتبط بالوجود السوري.

وفي معرض تعدادها للمخاطر التي قد تترتب جراء فتح السجال حول المادة 95، تلفت المصادر السياسية المسيحية الى ان رد الشريك المسلم على المناصفة في كل الفئات الوظيفية قد يُسقط المحظور السياسي وينتهي بتقديم المسيحيين تنازلا تاريخيا كارثيا، كل اجوائه مهيأة في ضوء الحديث عن اختلال الميزان العددي بين الشريكين المسيحي والمسلم في الوطن لمصلحة الثاني، بما يطيح المناصفة برمتها في السياسة وفي التمثيل من خلال نسفها في قانون الانتخاب ايضا.

وفي غياب اي ضمانات ازاء امكان جنوح طلب تفسير الدستور عن المادة 95 في اتجاه اخرى، والمواد التي تحتمل التفسير كثيرة، تدعو المصادر الى البحث عن “توليفة” ما تقي جلسة تفسير المادة شر فتح شهية المطالب على تفسيرات من خلال حصرها في اتجاه معين، والا فإن الامور قد تذهب في الاتجاه المعاكس، وليس خفياً ان اصل المشكلة حول مباريات مجلس الخدمة المدنية يكمن بين بري والوزير جبران باسيل.