كتبت آمال خليل في جريدة “الأخبار”:
كما كان متوقعا، اغتال الفلتان الأمني في عين الحلوة، الانتفاضة الشعبية التي وحّدت مختلف أفرقاء المخيم بوجه خطة وزارة العمل بشأن العمالة الأجنبية والفلسطينية. في جمعة الغضب الثالثة، انفرط عقد الوحدة أمام جريمة اغتيال الشاب حسين علاء الدين، الملقب بـ«أبو حسن الخميني»، أثناء مروره على دراجة نارية بعد ظهر الجمعة في حيّ الرأس الأحمر المتفرع من الشارع الفوقاني. بحسب الشريط التسجيلي لإحدى كاميرات المراقبة، مرت من المكان قبل نحو خمس دقائق تظاهرة شعبية حاشدة جابت شوارع المخيم عقب صلاة الجمعة تنديداً بالخطة، كما يحدث منذ ثلاثة أسابيع. وبعد أن خلا المكان، رُصد الخميني (20 عاماً) مارّاً بدراجته عندما تعقبه ثلاثة أشخاص غير ملثمي الوجوه، أطلقوا عليه الرصاص تباعا.
ووفق مصادر أمنية، فإن «أول من أطلق النار هو أ. ع، تلاه شقيقه ي، قبل أن ينهي حياته والدهما الإسلامي المتشدد بلال ع.». أُدرجت الجريمة في خانة الثأر. ففي منتصف شهر آذار الماضي، تعرض ي. ع. لإطلاق نار من شقيق القتيل، خالد علاء الدين المعروف بـ«خالد الخميني»، في حيّ الصفصاف على خلفية «تلطيش» فتاة. حينها، أصيب ي. ع. بجراح بالغة استدعت علاجه لوقت طويل في مستشفى النداء داخل المخيم. لكن عائلة ع. لم تثأر مباشرة من خالد، العنصر في عصبة الأنصار الإسلامية، بل من شقيقه الأصغر غير المنتمي إلى أي تنظيم. علماً بأنهما نجلا العميد في حركة فتح جمال علاء الدين الملقب بـ«الخميني» وشقيقا العقيد الفتحاوي عامر الذي سقط في الاشتباكات بين الحركة وجماعة بلال بدر في حيّ الطيرة قبل عامين.
إثر وقوع الجريمة، انسحب المتظاهرون من الشوارع، وحلّ مكانهم الرصاص والقذائف التي أطلقتها عائلة القتيل باتجاه معقل الإسلامي المتشد بلال ع، في الرأس الأحمر. واللافت أن قوات الأمن الوطني الفلسطيني التي ينتمي إليها الوالد، لم تشارك في ردّ الفعل. وعلى جري العادة عقب أي توتر أمني، تنادت القوى الإسلامية للاجتماع في مسجد النور وطالبت جميع الأطراف بالتهدئة. فيما طالبت عائلة القتيل بتسليم القاتل. مصادر فتحاوية قالت إن «الأوان قد آن لتطهير عين الحلوة من جماعة بلال ع، وإلا فإن مسلسل الاغتيالات لن ينتهي»، علما بأن بلال ع. كان جزءا من جماعة بلال بدر الذي قضت الحركة على معقله في الطيرة قبل عامين. وبدل أن تتشتت المجموعة، انضوت تحت جناح بلال ع. ليصبح هو القائد لبدر والمحسوبين عليه، ويكرر الأداء نفسه تجاه الفتحاويين من اغتيالات واستهدافات. وحتى ساعات الليل، سجل إطلاق نار متقطع في أجواء المخيم وسط حركة معدومة.
لكن ماذا عن القضية الأساس ومستقبل الحراك من أجل الحقوق الإنسانية والاجتماعية للفلسطينيين؟ تناسى أهل المخيم انتفاضتهم المستمرة منذ ثلاثة أسابيع، وبدل أن ينظموا كما في كل مساء تجمعاً احتجاجياً عند مدخل المخيم، سجلت حالة نزوح للعائلات من أحياء المنشية والرأس الأحمر والصفصاف خوفاً من تمدد الاشتباكات. الخضّة التي أصابت عاصمة الشتات واعتبرها البعض مدفوعة من أجهزة مشبوهة لتخريب الحراك الشعبي، استنفرت النشطاء في المخيمات الأخرى، وبرزت مواقف عبر مواقع التواصل الاجتماعي للناشطين من مخيمات صور وبرج البراجنة تؤكد أن التحركات «لن يوقفها الاغتيال المشبوه في عين الحلوة».