نفى الرئيس اللبناني ميشال عون ما ذهبت إليه وكالة «رويترز» في قراءتها للكلام الذي أطلقه خلال احتفال عيد الجيش أمس الخميس على أنه انطوى على «إمكان الاستعانة بصندوق النقد الدولي للحصول على المساعدة إذا لم تثمر جهود الإصلاح التي تبذلها الحكومة عن تحسن المالية العامة للدولة بالقدر الكافي».
وجاء بيان الرئاسة اللبنانية تحت وطأة التفاعلات السلبية لما وصفه عون بـ «التفسير والاستنتاج الخاطى» لكلامه حول «التضحيات التي ينبغي أن يقدمها اللبنانيون للمساعدة في إنهاض الاقتصاد الوطني»، وهي التفاعلات التي تُرجمت بارتفاع تكلفة التأمين على ديون لبنان السيادية إلى مستوى قياسي، اليوم الجمعة.
فقد أظهرت بيانات «آي.إتش.إس ماركت» أن عقود مبادلة مخاطر الائتمان اللبنانية لخمس سنوات ارتفعت اليوم الجمعة إلى 990 نقطة أساس، بزيادة 33 نقطة أساس عن إغلاق أمس الخميس.
وبهدف احتواء «الموجة السلبية»، اضطر الرئيس اللبناني لإصدار نفي عبر مكتبه الإعلامي جاء فيه: «نقلت وكالة رويترز في خبر لها من لندن كلاماً فسرت فيه على نحو خاطئ ما جاء في كلمة فخامة رئيس الجمهورية في حفل تخريج الضباط حول التضحيات التي ينبغي أن يقدمها اللبنانيون للمساعدة في إنهاض الاقتصاد الوطني. إن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية ينفي نفياً قاطعاً أن يكون رئيس الجمهورية أشار في كلمته إلى إمكان الاستعانة بصندوق النقد الدولي للحصول على المساعدة إذا لم تثمر جهود الإصلاح التي تبذلها الحكومة عن تحسن المالية العامة للدولة بالقدر الكافي، كما جاء في خبر رويترز، ويحذر من مغبة تعميم مثل هذه الأخبار المختلقة، ولا سيما أن ما نشرته رويترز أحدث تداعيات سلبية على السندات السيادية للدولة اللبنانية وكلفة التأمين عليها».
وأضاف البيان: «إن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية يجدد التأكيد على أن ما قصده رئيس الجمهورية في كلمته أمس هو دعوة اللبنانيين من دون استثناء الى التضحية مرحلياً والتخلي عن بعض المكتسبات لئلا نخاطر بفقدانها كلها وذلك للمساعدة في مواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية القاسية التي تمر بها البلاد، وبالتالي لا يمت كلام الرئيس بأي صلة إلى ما ذهبت إليه وكالة رويترز في استنتاجاتها الخاطئة».
يذكر أن الرئيس كان عون قال في كلمته لمناسبة عيد الجيش: «إن لم نضحّ اليوم جميعاً ونرضى بالتخلي عن بعض مكتسباتنا فإننا نخاطر بفقدها كلها حين يصبح وطننا على طاولة المؤسسات الدولية المقرضة وما يمكن أن تفرضه علينا من خطط اقتصادية ومالية قاسية».
ولم يخفف النفي الرئاسي من دلالات «التحسس المفرط» الذي باتت الأسواق المالية تعيشه حيال الواقع اللبناني، مؤشرات وأرقاماً مالية وحتى تصريحات لمسؤولين، سبق أن كبّدت لبنان خسائر (في سندات «اليوروبوند» في يناير الماضي) بأكثر من ملياري دولار بعد كلام لوزير المال علي حسن خليل (عاد وصححه) عن إعداد الوزارة خطّة للتصحيح المالي الطوعي تشمل «إعادة هيكلة الدين العام».
ورغم أن لبنان أقر قبل أيام موازنة تقشفية لـ 2019 اعتُبرت «تأسيسية» لمسار إصلاحي يستهدف خفض نسبة العجز الى الناتج المحلي ولجم المديونية «القياسية» التي تجعل البلاد تعاني واحداً من أحد أثقل معدلات الدين العام في العالم، فإن المجتمع الدولي والأسواق المالية ما زالت تراقب عن كثب المنحى التطبيقي للموازنة ومدى القدرة على التزام أرقامها التخفيضية، فيما تبدو «بلاد الأرز» عالقة بين «مطرقة» أزمة سياسية متمادية تحتجز جلسات الحكومة منذ أكثر من شهر وتعوق إطلاق المرحلة التنفيذية لمؤتمر «سيدر 1»، وبين «سندان» الخشية من الوقوع في «فخ» خفض تصنيف لبنان السيادي ولا سيما من وكالة «ستاندرد اند بورز» التي تستعد لإطلاق «حكمها» في 23 الجاري وسط خشية المراجع الرسمية من أن تخفض تصنيف لبنان إلى (C) وما سيتركه ذلك من ارتدادات سلبية على السندات الحكومية وحامليها.