Site icon IMLebanon

“روحة بلا رجعة”.. رفع رسم الخروج “يُجفّل” زوّار لبنان

كتب خالد أبو شقرا في صحيفة “نداء الوطن”:

رسم جديد أقرّته موازنة العام 2019 على كلّ من يغادر الأراضي اللبنانية جوّاً. الرسم بقي كما هو بالنسبة لمسافري الدرجة السياحية مهما بلغت المسافة المقطوعة، فيما ارتفع من 75 ألف ليرة إلى 110 آلاف، على الرحلات التي تتعدى مسافتها الـ 900 كلم لمسافري درجة رجال الأعمال، ومن 100 ألف ليرة إلى 150 الفاً، لمسافري الدرجة الأولى. وأُضيف رسم لم يكن موجوداً سابقاً بقيمة 300 ألف ليرة على كلّ مسافر على متن طائرة خاصّة.

سامر شاب لبناني ثلاثيني، يعمل بين بيروت وإحدى عواصم الدول المجاورة في مجال تركيب أجهزة الصوت والإضاءة. بعد ازدهار عمله في لبنان خلال فورة الأعراس في السنوات الماضية، قرر نقل التجربة إلى “إربيل” عاصمة إقليم كردستان العراق. هذا العمل فرض عليه السفر باستمرار، وبخاصة في فصل الصيف، حيث يفوق معدل تنقلاته 10 رحلات سنوياً. مثله مثل أكثرية المغادرين من بيروت، سواء كانوا لبنانيين أو سياحاً، صدم بالرسوم الجديدة التي أقرتها الموازنة على مغادري الأراضي اللبنانية. فوفق الرسوم الجديدة سيدفع سامر، كراكب في درجة رجال الإعمال 110 آلاف ليرة، مبلغاً إضافياً عن كل مرة يغادر فيها الأراضي اللبنانية. وذلك بعد إدخال تعديلات في قانون الموازنة على رسوم السفر جواً، حيث تفرض الرسوم على الرحلات التي تتعدى 900 كلم كوجهة نهائية بدل 1250 كلم في القانون السابق. وعليه فإن الكلفة السنوية على سامر، سترتفع بأكثر من مليون ليرة، “رقم كان يمكن تأمينه بسهولة في الفترات الماضية، أما اليوم وبعد تراجع العمل بأكثر من 80 في المئة في لبنان بسبب الظروف الإقتصادية الضاغطة، وتقلصه في إربيل، فقد أصبحت الألف ليرة تشكل عبئاً إضافياً. وهو ما سيدفعني إلى تصفية أعمالي في لبنان والانتقال نهائياً إلى إربيل”، يقول سامر.إرتفاع الكلفة 150%

بحسب إحصاءات “وكالات السياحة والسفر” فإن أكثر من 80 في المئة من عدد المغادرين لبنان سنوياً، والمقدر بحوالى 4 ملايين راكب يسافرون في الدرجة السياحية التي لم تزدد الرسوم عليها. وبالتالي فإن المردود على الخزينة من هذه الضريبة تحديداً ليس ذا جدوى. وبحسب نقيب وكالات السياحة والسفر جان عبود، “فإن هذا الرسم لا ينعكس على المكاتب ووكالات السفر، إذ أنها تعمد إلى استيفاء الرسوم الجديدة من المسافرين ودفعها لشركات الطيران، والتي تدفعها بدورها لوزارة المالية، بعد إعدادها قائمة بالركاب بحسب الدرجات”.

بالرغم من اعتبار البعض أن من يسافر في الدرجتين الأولى ورجال الأعمال، لن تؤثر عليه زيادة الرسم بقيمة 50 الف ليرة على الاولى و35 الف ليرة على درجة رجال الأعمال، إنما في الواقع وبحسب علم الإقتصاد، فإن سعر تذكرة الطيران إزداد في لبنان بنسبة 150 في المئة. وهو رقم فارق، حتى بالنسبة إلى الميسورين مادياً، أو الشركات المنظمة للمعارض والمؤتمرات، والتي تتكفل عادة بدفع مصاريف نقل الضيوف والمدعوين ورجال الأعمال. “ففي الوقت الذي تشهد فيه أسعار تذاكر السفر إرتفاعاً كبيراً في لبنان، كان الأجدى بالمسؤولين تخفيض رسوم الخروج، وليس زيادتها”، يقول محمود الخطيب، أحد أصحاب مكاتب السفر. ويضيف “من ينوي السفر سواء كان بدافع العمل أو السياحة سيدفع الرسوم مهما كانت، إنما كون لبنان بلداً سياحياً، كان الأجدى تخفيض الرسوم وتحديداً على المجموعات السياحية، وزوار المعارض والمؤتمرات”.

الضرائب الكمية بدل العائدات النوعية 

في الماضي القريب كانت كل الجهود منصبّة على تحويل لبنان إلى مركز عربي ودولي للمعارض والمؤتمرات، إضافة إلى كونه وجهة سياحية مميزة في المنطقة. وقد بنيت لهذا الغرض المراكز الكبيرة والمميزة، وبرزت شركات التنظيم الرائدة، وكانت كل الأفكار تُجمع على أن زيادة عدد الزوار وتشجيعهم على الإستثمار والإنفاق في لبنان، من خلال التميز في الخدمات وتأمين الفنادق الفخمة والأسواق المتنوعة ذات العلامات التجارية المميزة، أهم بكثير للبلد وقطاعاته الإنتاجية والخدماتية من تقييدهم بالرسوم والضرائب وإبعادهم عن لبنان.

وهذا ما تثبته التجربة سنوياً، في اختلال ميزان المدفوعات وتراجع عائدات الدولة، وتوقف الإستثمارت، ورزوح مختلف شرائح المجتمع تحت ضغط انخفاض القدرة الشرائية وارتفاع كل الأسعار من فوائد وسلع وخدمات.