كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:
أسدل مخيم عين الحلوة “الستارة” على أحد أبرز المطلوبين بلال محمد العرقوب، الذي أرّق المخيم بسلسلة من الاحداث الأمنية والاشتباكات على مدى سنوات، وآخرها قتل حسين جمال علاء الدين، وذلك بعد عملية أمنية مشتركة في “حي المنشية”، أدت الى مقتله واعتقال نجليه “يوسف وأسامة” وتسليمهما الى مخابرات الجيش في الجنوب، عند الحاجز الغربي لجهة حسبة صيدا.
نهاية العرقوب، تعتبر الأولى في المخيم، وشكلت مؤشراً واضحاً الى قرار فلسطيني موحد، بحسم أي حالة “شاذة” تخرج عن الاجماع الوطني الفلسطيني، لتطوي معادلة “الامن بالتراضي” التي كرست “الامن الهش” و”المربعات الامنية”، حيث عاش المخيم في دوامة من التوترات الامنية التي أدت الى سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى على مر السنوات الماضية، وساهمت فيها بشاعة جريمة قتل علاء الدين غدراً وفي وضح النهار، وهو الذي لا ينتمي لأي فصيل سياسي أو تنظيم حزبي، ومعروف بدماثة اخلاقه ومحبته لأبناء المخيم، وتزامنها مع التحركات الاحتجاجية رفضا لقرار وزارة العمل اللبنانية بشأن المؤسسات والعمال الفلسطينيين في لبنان، ما اعتبرته القوى الفلسطينية على مختلف انتماءاتها توقيتاً “غير بريء”.
وتوقعت مصادر فلسطينية لـ “نداء الوطن”، أن ينعم المخيم بعد هذه التطورات الأمنية بمرحلة من الاستقرار الامني والهدوء التام، بحيث ينعكس ايجاباً على حياة الناس والدورة الاقتصادية، ما يتيح مجال التفرغ لمواجهة المخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية، واستئناف التحركات الاحتجاجية رفضاً لقرار وزارة العمل، والدفع باتجاه اقرار الحقوق المدنية والاجتماعية والانسانية، بما يوفر حياة كريمة، تساعده على رفض “صفقة القرن” ورفض التهجير أو التوطين.
ميدانيا، جرى انهاء حالة العرقوب ومقتله عبر عمليتين:
الاولى: نفذتها حركة “فتح” و”عصبة الانصار الاسلامية” في سابقة هي الاولى بينهما ودلت على مدى تطور العلاقة بين الطرفين، بعدما كانا في الماضي على “عداوة” شبه دائمة، لتنقلب بحكم الاحداث السياسية والامنية المستجدة الى “تفاهم”، على قضايا المخيم ولا سيما الأمنية والحياتية بحكم دورهما الأساسي في الإطار الفلسطيني الموحد على صعيد لبنان (هيئة العمل الفلسطيني المشترك)، وقد استمرت نحو ثلاثة ساعات وخلصت الى احكام السيطرة على منزله و”مربعه الأمني” في حي “الرأس الاحمر” وفراره واولاده وأفراد مجموعته الى الحي المجاور “المنشية”، وقد أدت الى اضرار في الممتلكات واحتراق ثلاثة منازل نتيجة كثافة النيران.
والثانية: قيام “القوى الاسلامية” والناشطين الاسلاميين” معاً، باستكمال العملية وهي المرة الاولى التي تخوض “القوى الاسلامية” مع “ناشطيها” معركة ضد من كان “محسوبا”عليها، بعدما رفعت الغطاء نتيجة كثرة مشاكله، فجرى القضاء عليه واعتقال نجليه “يوسف وأسامة” وتسليمهما الى مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب، عند الحاجز الغربي لجهة حسبة صيدا، واستمرت العملية زهاء ساعة من الوقت وتركت ارتياحاً لدى أبناء المخيم الذين ضاقوا ذرعاً به.
سياسياً، عقد في منزل القيادي في “عصبة الانصار” الشيخ ابو طارق السعدي اجتماع، ضم اليه، قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب وقائد منطقة صيدا العميد ابو أشرف العرموشي ومسؤول “العلاقات والارتباط” العقيد سعيد العسوس، وأمير “الحركة الاسلامية المجاهدة” الشيخ جمال خطاب، حيث جرى التداول بالوضع الأمني، على ضوء العملية الامنية ضد العرقوب وسبل تحصين الاستقرار بعدها، بما يسمح باستئناف الحراك السياسي والشعبي والمدني الفلسطيني الاحتجاجي رفضاً لقرار وزارة العمل. وأكّد أبو عرب، أنّ “العملية انتهت عسكريا، و”فتح” أحكمت السيطرة على مربع العرقوب داخل المخيم، وسيطرت على منزله وجميع المباني من حوله”، وأن “العرقوب يعتبر إرهابياً وهو يعمل مع مجموعته لأجندات خارجية وهم ليسوا من نسيج المخيم، ويعمدون إلى قتل أبنائه بدم بارد”.
وشهدت أحياء “الرأس الاحمر والطيرة والصفصاف” حركة نزوح لعشرات العائلات الى أحياء أخرى اكثر أمناً داخل المخيم نفسه أو الى خارجه نحو مدينة صيدا، ثم عادت بعد انتهاء العملية وتفقدت الاضرار والممتلكات، فيما انجزت فرقة الصيانة اصلاح خط الكهرباء، ونتيجة الوضع الأمني المستجد، وحرصاً على السلامة، قرّرت دائرة الامتحانات الرسمية في الجنوب نقل مركز الامتحانات الرسميّة من المدرسة العُمانيّة النموذجيّة إلى ثانوية الدكتور نزيه البزري في حي الوسطاني، يومي السبت والاثنين في 3 و5 آب 2019.
وشيعت عائلة علاء الدين وأهالي بلدة صفوري ومعهما القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية المغدور علاء الدين، من مسجد “خالد بن الوليد” في الشارع التحتاني، حيث تحول موكب التشييع الى مسيرة جابت شوارع المخيم.
العرقوب
هو الفلسطيني بلال يوسف العرقوب، من مواليد 1967، من بلدة “المنشية” في قضاء عكا، كان يقيم في مخيم الرشيدية في منطقة صور، ثم انتقل الى صيدا، حيث منزل والده ومنها الى مخيم عين الحلوة في منتصف التسعينات، وانتمى الى حركة “فتح – المجلس الثوري”، ثم الى “القوى الاسلامية”، متنقلاً بين أطرها “جند الشام”، و”الشباب المسلم” وغيرهما، الى أن شكل حالة لوحده وقد برز نجمه خلال المعركة بين حركة “فتح” والاسلامي المتشدد بلال بدر والتي انتهت بإحكام السيطرة على “حي الطيرة”.
العرقوب المعروف بـ “ابو محمد” متزوج من لبنانية، وله خمسة اولاد “البكر محمد، عبيدة (الذي قتل في معركة الطيرة الثانية في آب 2107)، يوسف وأسامة (تم اعتقالهما وتسليمهما الى مخابرات الجيش اللبناني) وعبد الله.
وقد شكل حالة “شاذة” في عين الحلوة، حيث بات عاملا للتوتير الأمني ما دفع بـ “القوى الاسلامية” و”الشباب المسلم” الى التخلي عنه، بعدما تسبب باشكالات واشتباكات عديدة وآخرها قتل علاء الدين وفق لقطات وثقتها كاميرات المراقبة في الشارع الفوقاني.