يبدو جليا ان التراجع سمة التطورات الحاصلة او المهيأة الحصول في لبنان، هذا الاسبوع المشحون بالتحديات والتهويلات وتزييت بنادق التصريحات المحشوة برصاص المواقف المتفجرة. الاتهام للرئاسة بالاصغاء لوزراء مقربين ورطوها بمخاطبة مجلس النواب من خلال اجتهادات دستورية غريبة، قابله قول للرئيسميشال عون صدر عنه لأول مرة بأن حادثة قبرشمون «كان مكمنا أُعدّ لوزير الخارجية جبران باسيل وليس لوزير شؤون النازحين صالح الغريب»، والدليل في تسجيلات صوتية تقول: الطريق سالكة للغريب، وممنوعة لباسيل، امطروه بالبيض والبندورة واحذية النساء. وفي شريط آخر، تقول «النهار» البيروتية نقلا عن زوار الرئيس: يمكن للوزير الغريب ان يعبر الطريق وحده الى بلدته، اما غيره ما بيمرق.
ومثل هذه التسجيلات، ان صحت، فإن من شأنها اخراج الوزير «الارسلاني» من اللعبة، وضمنا تفريج العلاقات الدرزية ـ الدرزية، لكن مجرد ايرادها عن لسان الرئيس ميشال عون يعني ان علاقة بعبدا والمختارة وصلت الى نهاية الطريق، وربما مثلها «التسوية الرئاسية» التي ان غادرها وليد جنبلاط، ليس ما يضمن بقاء د.سمير جعجع فيها، ولا استطرادا سعد الحريري، وحبل 14 آذار الجرار.
وبما ان السنة الثالثة من عمر العهد محضرة لاستكمال ما بدأه العهد في سنواته الاولى، اي شق طريق الوزير جبران باسيل الى بعبدا، فإن وضع باسيل في مرمى الحزب التقدمي الاشتراكي عبر حادثة قبرشمون يجعل الحكم امام طريقين مستقيمين لا يلتقيان، الاول يقود الى انتفاضة سياسية تطيح بالتسوية الرئاسية القائمة ومعها الحكومة، والثاني الى مصالحة عشائرية تقليدية على قاعدة «عفا الله عما مضى» مع تخلي مختلف الاطراف عن عضلاتهم المستعارة والعودة الى رحاب المحاصصة السياسية التقليدية. ويبدو ان رئيس مجلس النوابنبيه بري جدد مساعيه باتجاه المصالحة عبر ثلاثة اتجاهات: اولا فصل العمل الحكومي عن ملف قضية قبرشمون وانعقاد مجلس الوزراء بمعزل عن هذه القضية، وهو ما لا يزال غير مقبول من رئاسة الجمهورية، وثانيا استمرار ملف قبرشمون امام المحكمة العسكرية بما يوازي بين جريمتي الشويفات وقبرشمون، وثالثا وأخيرا إجراء المصالحة السياسية وإعادة الحراك الى لجنة التنسيق الأمني بين الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الله.
وكان مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية كلود غانم ادعى في هذا الملف متبنيا تحقيقات شعبة المعلومات، وفيها ان اطلاق النار بدأ من جانب مرافقي الوزير صالح الغريب في الهواء دون وقوع اصابات، وقد رد مسلحو الحزب التقدمي الاشتراكي، ما اسفر عن مقتل اثنين ممن بادروا بإطلاق النار، وفي مختلف المراحل لم يثبت وجود كمين مسلح يستهدف الوزير جبران باسيل، كما لا يتضح من التسجيلات الهاتفية اعطاء الاوامر باستخدام السلاح ضد موكب وزير الخارجية، مع اجازة قذفه بالبيض والبندورة واحذية النساء.
الا ان التسجيلات التي استمع اليها رئيس الجمهورية تتحدث عن استخدام السلاح عند الضرورة لمنع موكب وزير الخارجية من العبور الى كفرمتى.