كتب أسعد بشارة في صحيفة “الجمهورية”:
تشعّبت أزمة الملف الفلسطيني في لبنان، وامتدت لتتخذ شكلاً عنفياً بإقدام احد العناصر على اغتيال حسن علاءالدين الملقب بـ«الخميني» في مخيم عين الحلوة. هذا الاغتيال لم يكن خارج التوقع في ظلّ المعادلة المسيطرة على المخيم الذي «زُرع» بالعناصر الجهادية التي تعمل وفق نظرية العنف بالإيجار لتحقيق اهداف تصبّ جميعُها في خانة إضعاف سلطة حركة «فتح» أكبر الفصائل، لكن هذه المرة لم يكن هذا الحدث الأمني ذا مردود إيجابي على مَن نفّذوه، إذ تمّ حسمُ مربّع العرقوب الذي يؤدّي دورَ شاكر العبسي و«فتح الإسلام» في المخيم.
في معلومات ترويها مصادر فلسطينية أنّ بعض الحركات والأصوات المحرّضة من داخل المخيمات بدأت تظهر من خارج السلطة الرسمية الفلسطينية نتيجة الانقسامات الفلسطينية الداخلية، فتعمد الى نوع من المزايدة مثل الدعوة الى تظاهرات وخطاب تهجّمي على الوزير كميل ابوسليمان والجهة التي ينتمي لها، والذهاب أبعد من حقيقة المشكلة التي تنحصر فقط في إطارها القانوني حول استثناء العامل الفلسطيني من هذا القرار، وقابل ذلك، او كان رد فعل على أصوات من الطرف الآخر دعت الى «حرق الفلسطينيين في أفران هتلر»، ما زاد في تأجيج الصراع ومهّد لدخول طرف ثالث على خط الازمة، فكان اول من استشعر بوجوده اللواء اشرف ريفي بعد أن زار السفارة الفلسطينية ووزير العمل اللبناني وسمع من الطرفين كلاماً مغايراً عن الشحن العنصري والطائفي في الشارع.
باغتيال الشاب الفلسطيني الملقب (بالخميني) وهو ابن مسؤول في حركة «فتح»، وأخوه مسؤول في «عصبة الأنصار»، الذي كان يقود إحدى التظاهرات المطلبية في مخيم عين الحلوة، كادت فتنة أن تشتعل بهدف الإيقاع بين المخيم والجيش اللبناني، حسب المصادر، فبلال العرقوب المتهم بالقتل هو أحد بقايا «فتح الإسلام» التي لعبت الدور الفتنوي نفسَه ضد الجيش في مخيم نهر البارد.
وتشير المصادر الى أنّ وجود هذه المجموعات السلفية داخل المخيم هدفه إثارة التوتر كل فترة بالاغتيالات أو التفجيرات أو إثارة مشاكل مع الجيش اللبناني تحت عناوين ذات غطاء إسلامي جهادي، في الظاهر معاد لـ «حزب الله»، لكنّ المثير للريبة أنّ هذه المجموعات تتلقى الدعم المباشر من تنظيم كبير داخل المخيم يدعى «انصار الله» موالٍ لـ «حزب الله» تاريخياً، وهو ما حال دون اجتثاث الظاهرة «العرقوبية» التي سبّبت معظم المشاكل للمخيم وللسكان وللدولة.
وتضيف المصادر أنّ العرقوب شكّل فصيلاً كان يتحرّك بإيعاز من مخابرات شقيقة بشكل مباشر، لأنه في كل مرة يتمّ الاتّفاق للتخلص منه يأتي قرارٌ خفي عبر «حزب الله» بعدم المساس بهذه القوة، و كان آخرها في مخيم المية ومية حين تمّ إخراج تنظيم «أنصار الله» (جمال سليمان) الى سوريا، بحماية وإشراف «حزب الله»، بعد معارك دامية في المخيم استمرت ثلاثة ايام، فبدلاً من تسليمه للدولة ومحاكمته امام القضاء اللبناني، أرسل الى الأراضي السورية بطلب من المخابرات السورية مباشرة.
في كل الأحوال، وفي قراءة لتوقيت عملية الاغتيال، والردّ عليها بتصفية بؤرة العرقوب، يمكن القول إنّ القرار الذي اتُخذ سريعاً بتصفيته، نزع من المخيم إحدى قنابله الموقوتة. فحركة «فتح» التي ساهمت في القضاء على «عبسي» عين الحلوة، كانت طوال اندلاع أزمة قرار وزير العمل، تتفاوض مع الدولة على وقع تظاهرات مضبوطة، لم تذهب الى استعمال العنف.
و«فتح» تعرف انّ السماح بالعنف الذي يريد اختراق اعتراض الفلسطينيين السلمي، يعني تحويل الأزمة من أزمة عمالة فلسطينية الى أزمة تفجّر العلاقة بين المخيمات والمحيط اللبناني، وهذا ما لم تسمح به منذ البداية. أما الاغتيال المشبوه فيضيف الى هواجس استغلال هذا الملف هاجساً أمنياً، سيكون حافزاً لحوار يُنهي الخلاف حول قرار وزير العمل، وهذه هي توجيهات القيادة في رام الله.