كتب خليل فليحان في صحيفة الشرق الأوسط:
شارك لبنان للمرة الأولى بصفة عضو مراقب في مؤتمر «آستانة 13» الذي عقد في كازاخستان يوم الجمعة الماضي، بناء على دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وجاءت هذه المشاركة انطلاقاً من القرار اللبناني باستعمال كل السبل التي تؤدي إلى إعادة النازحين السوريين إلى ديارهم بشكل آمن لإنهاء العبء الديموغرافي والاقتصادي والمعيشي الصحي والتربوي الذي لم يعد بوسعه أن يتحمله، خصوصاً أن تكلفة استضافة النازحين بلغت أكثر من 8 مليارات دولار حتى الآن.
وأبلغ مصدر دبلوماسي «الشرق الأوسط» أن المشاركة الأولى من نوعها تمثلت بالسفير غدي خوري مدير العلاقات الخارجية في وزارة الخارجية، وليس بوفد كما كان متوقعاً. وقد استمع ممثل لبنان إلى النقاشات التي حصلت ودونها للاستنارة بها بعد تحليلها في وزارة الخارجية واطلاع كبار المسؤولين عليها.
وأشار المصدر إلى أن مسألة النازحين جرى التطرق إليها بشكل عام، إلا أن المهم أيضاً بالنسبة للبنان في مسار «آستانة» هو كل ما يؤدي إلى حل لأزمة النازحين في لبنان وفي الدول المجاورة، في إطار الحل السياسي للأزمة السورية. وتجدر الإشارة إلى خطة موسكو لإعادة جميع النازحين السوريين إلى ديارهم، اصطدمت بعرقلة في مجلس الأمن تقودها أميركا في عدم توفير أموال لإعادتهم وفقاً لما طالب به النظام السوري بسبب عجزه عن إصلاح المنازل والمؤسسات التي تدمرت بشكل كامل، وإن كانت تقع في مناطق أصبحت تحت سيطرة قوات النظام. كما أن حضور لبنان جلسات «آستانة» قد لا يكون فاعلاً ومؤثراً في إعادة النازحين الذي تطالب به الحكومة بسبب التحفظ الأميركي عليه لكنه ليس بمسيء لأنه سيفسح في المجال أمام إبقاء هذه المشكلة حية في هذا المسار الذي يضم روسيا وتركيا وإيران، ويشكل دعماً لموقف لبنان المعني باستقرار الوضع الأمني في سوريا، ما يمهّد الطريق لحل سياسي نهائي للأزمة. ويعود اهتمام الحكومة بهذا الاستقرار لأنه يسعى إلى الانتهاء من تكلفة النزوح الباهظة ومن تداعياتها السلبية.
ولا يمكن الاستهانة بالدور الوازن الذي يمكن أن تلعبه روسيا للتوصل إلى حل نهائي للأزمة السورية، نظراً إلى قوتها العسكرية الجوية والصاروخية التي كان لها الدور الفاعل إن لم يكن الأساسي في القضاء على التنظيمات الإرهابية التي احتلت معظم المناطق.
وأوضح مصدر دبلوماسي لبناني لـ«الشرق الأوسط» أنه لا ضرر في اشتراك لبنان في جلسات «آستانة» لأنه يشارك كمراقب وهذا يعني لا يحق له التصويت على أي قرار. إلا أنه يحق لممثل لبنان في أي مؤتمر يعقد في آستانة حول الأزمة السورية أن يعترض على أي بند يتعارض مع مصلحة البلاد أثناء مناقشته، لكن لا يحق له تقديم المقترحات والتعديلات.
وأعرب مصدر دبلوماسي روسي عن ارتياحه لتمثيل لبنان في مؤتمر «آستانة»، لأن «لديه مصلحة في استقرار الوضع في سوريا وسيكون له انعكاس إيجابي على الداخل، وكذلك ينطبق الأمر على العراق والأردن اللذين شاركا أيضاً في المؤتمر».