Site icon IMLebanon

لبنان يسعى إلى تأجيل خفض تصنيفه السيادي

كتب علي زين الدين في صحيفة الشرق الأوسط:

قالت مصادر مالية ومصرفية إن السلطات النقدية في لبنان طلبت من وكالات التصنيف الائتماني، خصوصاً «ستاندرد آند بورز»، تأخير تقريرها المزمع عن لبنان، الذي من المقرر أن تقيم فيه الجدارة الائتمانية للديون الحكومية بالعملات الأجنبية، من أواخر شهر أغسطس (آب) الحالي، لآخر العام.
وأوضحت المصادر أن هذا التحرك جاء بعد ترجيحات قوية بأن النتائج التي ستصل إليها وكالات التصنيف الائتماني، ستكون بخفض التصنيف السيادي للبنان من – B إلى CCC.
وإذ ذكر رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، بأنه يأمل الاستجابة لهذا التمني، قال إنه «غير مطمئن تماماً» لموقف وكالة «ستاندرد آند بورز».
وقال في مقابلة تلفزيونية أمس، إن البنك المركزي اللبناني، مستعد تماماً للتعامل مع هذا التطور المرتقب واستيعاب أي تداعيات محتملة، كذلك لوحظ أن الأسواق تحسبت مسبقاً لخفض التصنيف، حيث شهدت أسعار الأوراق المالية والأسهم المصدرة من الحكومة والمؤسسات الخاصة موجات هبوط متتالية، ترافقاً مع تسجيل ارتفاع في حركة الطلب على الدولار في سوق القطع وارتفاع متوسطات الفوائد على «اليوروبوند»، بما ناهز 14 في المائة على الشرائح قصيرة الأجل.
وبالفعل، اقتربت القيمة الرأسمالية المجمعة للأسهم المدرجة في بورصة بيروت من عتبة 8 مليارات دولار نزولاً. وهذا ما أفضى إلى انكماش المتوسِّط المثقّل للسعر على القيمة الدفتريّة للأسهُم المُدرَجة على البورصة ليصل إلى 0.564 مع نهاية شهر يوليو (تموز)، مقابِل 0.736 في نهاية الشهر السابع ذاته من العام الماضي، وذلك بفعل التدنّي الكبير في مستوى أسعار الأسهُم المدرَجة.
ويلاحظ أن الانخفاض الدراماتيكي في أسعار الأسهم يشمل المدرجة منها في البورصة وغير المدرجة أيضاً في جميع القطاعات، وبالأخص المصرفية التي تدنت بمتوسط يزيد على 20 في المائة منذ بداية العام الحالي. والجزء الغالب منها يعود لـ4 من أكبر المصارف المدرجة في بورصة بيروت وأسواق مالية خارجية، وكذلك الأسهم العقارية التي تقودها شركة سوليدير (إعمارية وسط بيروت) وشركات إسمنت وخدمات وسواها.
ورصدت «الشرق الأوسط» تقلبات صريحة في توجهات المستثمرين المحليين والخارجيين في إدارة محافظ الأوراق اللبنانية، حيث يعاني حاملو السندات والأسهم من تدني الأسعار من جهة وتدني المردود من جهة مكافئة، ما يزيد القلق أيضاً في تقييم الميزانية، حيث يصر المدققون ومراقبو الحسابات على تقييم مجمل مكونات الرساميل والأموال الخاصة، بما يشمل الأسهم والسندات، بالأسعار الجارية أو باعتماد مرجعية سعرية شبيهة في حال عدم تداول سهم المؤسسة في البورصة.
ويزيد من حافزية التخلي عن هذه المحافظ جزئياً أو كلياً، العروض المصرفية بدفع فوائد تصل إلى 15 في المائة على التوظيفات الجديدة بالدولار للمبالغ التي تتجاوز المليون دولار. وبدورها، تعيد المصارف توظيف الحصيلة لدى مصرف لبنان المركزي الذي يمنحها عوائد جيدة على الدولار عبر عمليات خاصة (هندسة مالية)، معززة بقرض فوري تناهز قيمته 125 في المائة مثيل المبلغ الموظف بالليرة اللبنانية بفائدة مخفضة، ثم يعيد توظيفه لديه بفائدة السوق.
وبذلك يصل العائد الفعلي المحقق إلى ما بين 17 و19 في المائة، مع الإشارة إلى مساهمة هذه العروض في النمو السلبي للتسليف المصرفي في قطاعات التجزئة والشركات وللأفراد والمؤسسات على حد سواء.
ومن الثابت أن خفض التصنيف سيرتب أعباء حجز مخصصات إضافية على المصارف اللبنانية بصفة خاصة، كونها تحمل أكثر من إجمالي سندات «اليوروبوندز» البالغة نحو 30 مليار دولار حالياً. كما تحوز المصارف نحو 33.4 في المائة من إجمالي الدين الحكومي بالليرة.
وتبلغ حصة البنك المركزي نحو 52 في المائة، علماً أن إجمالي الدين العام يناهز 85 مليار دولار، منه ما يوازي 53 مليار دولار بالليرة، وهي شريحة لا تتأثر كثيراً بخفض التصنيف، ونحو 32 ملياراً بالعملات الأجنبية، أغلبها (93 في المائة) من سندات «اليوروبوندز»، وهي مركز الاهتزاز الذي يطاله خفض التصنيف.