كتب شادي عواد في “الجمهورية”:
نشطت في الفترة الأخيرة، برامج رفع التوعية تجاه تقنية التعرّف الى الوجوه وطرق إستخدامها، وإنتهاكها للخصوصية في بعض الحالات من قبل أفراد أو جهات رسمية. بعد التطور الكبير الذي طرأ عليها، أصبحت تقنية التعرف الى الوجوه واسعة الإنتشار إلى حدٍّ لم يعد من الممكن تجاهله، فهي موجودة في الهواتف الذكية لفتح القفل وفي مواقع التواصل الإجتماعي للتعرف الى المستخدمين، وتستخدمها شركات تكنولوجية كثيرة مثل غوغل وآبل وغيرها، وحتى جهات رسمية على المطارات وفي المرافق العامة، وعدد لا يحصى من المجالات الأخرى.
تكمن وظيفة تقنية التعرف الى الوجوه الرئيسية بالتعرّف الى الشخص من خلال ملامح وجهه. وتجرى هذه العملية عبر إدراك معنى الوجه من خلال تخطيط مفصّل له لتمييز سماته، ومن ثم القيام بعملية مقارنة له مع صور في قاعدة البيانات للتعرّف على هوية الشخص بشكل كامل.
وفي هذا السياق، يحتوي الإنترنت على مليارات الصور الشخصية للوجوه نتيجة إنتشار وسائل التواصل الإجتماعي. وهذه الصور يستغلّها القائمون على تدريب شبكات الذكاء الإصطناعي بهدف إكتشاف الوجوه والتعرف اليها بمعدل فشل لا يتعدى 0.2 بالمئة.
لتقنية التعرف الى الوجوه فوائد كثيرة إذا ما تم إستخدامها في الإتجاه الصحيح مثل فتح أقفال الهواتف أو المنازل الذكية عبر تحديد عمل هذه التقنية بالتعرف الى المستخدم فقط، من خلال مسح تفاصيل وجهه، لكن أبعد من ذلك فهي ستصبح أداة مراقبة غير منظمة.
ففي بعض الأحيان تستخدم تقنية التعرف الى الوجوه للملاحقة، وهو الأمر الذي أثار إهتمام الجمعيات المدافعة عن الخصوصية، خاصة بعدما تبنّت العديد من الدول هذه التكنولوجيا، وركّبت الكاميرات في شوارعها ما يمكنها من التعرف الى جميع الأشخاص الذين يمرون في نطاقها.
ومع تطور هذه التقنية، وسهولة الحصول على بياناتها، من المتوقع أن تزداد إنتشاراً وتدخل مجالات أخرى مدنية مثل إستخدامها على أبواب المتاجر والمدارس والجامعات.
في هذا السياق، أصدرت مجموعة باحثين من شركات تكنولوجية معروفة، بياناً دعت فيه إلى تنظيم عمل تقنية التعرف إلى الوجوه، وعبرت فيه عن قلقها إزاء مخاطر الذكاء الإصطناعي على المصلحة العامة.
وشدد الباحثون في بيانهم أنّ تقنية التعرف إلى الوجوه والتقنية التي تستهدف تحديد السمات الشخصية، تحتاجان إلى تنظيم صارم لحماية المصلحة العامة.
وشددوا على ضرورة تضمينها قوانين صارمة، تستوجب رقابة قوية وقيوداً واضحة لتحديد ظروف إستخدامها، نظراً إلى المخاطر الناجمة عن المراقبة الجماعية.