كتبت مايا الخوري في صحيفة “نداء الوطن”:
منذ آذار 2019 بدأ العمل على مشروع “متلي متلك”(يُعرض عبر MTV)، برنامج إجتماعي إنساني يشكّل مصدر إلهام وطاقة أمل إيجابية من خلال تجارب شخصية لضيوف تمكّنوا من تخطّي الصعوبات بعزم وإيمان. فحرص الإعلامي وسام بريدي بمعيّة فريق عمله على ألا تكون الحلقات عملية إستعراض لحالات، “بل رسالة في كيفية التعامل مع أي مصيبة نتعرّض لها”، فليس مهمّاً بنظره ماهيّة هذه المصيبة ونوعها، بل كيفية النظر إليها، “إذ تكون أحياناً صغيرة فنضخّمها وأحياناً كبيرة فنقلّصها”. فماذا قال عن تجربته في هذا البرنامج.
لفت الإعلامي وسام بريدي في بداية حديثه الى أنه رغب في تقديم برنامج مماثل منذ بداية مسيرته الإعلامية، أي برنامج يحمل رسالة إنسانية ويكون في الوقت نفسه ترفيهياً. فعندما يحاور ضيوفه يتسلّى معهم ويدير حواراً سلساً، يستطيع الجمهور متابعته بتأثر واهتمام إيجابي من دون أن يكون مستفزاً أو مُجرّحاً أو مُحرجاً للضيف أو هادفاً إلى إظهار إعاقة ما. هكذا يرى الإعلام واللحظة التلفزيونية المثمرة. وأضاف:” ثمة من يبحث عن القضايا المثيرة للثرثرة، وثمة من يبحث عما يكون مصدر مباحثات وإلهام ورسالة إيجابية وأمل. أنا فرح بهذا البرنامج الذي استطعت من خلاله تقديم ضيوفي بأبهى صورة لتوجيه رسالة جميلة إلى المجتمع”.
ورأى أن كل حالة إستضافها مؤثرة ودرس إنساني، رافضاً منطق الحكم على الآخر من الخارج قبل الإطلاع على ظروفه وما مرّ به في حياته. “فأحياناً نستهزئ بأحدهم، إنما نلوم أنفسنا عندما ندرك قصة حياته”.
وتحدث بريدي عن اختلاف هذا البرنامج عن سواه وصعوبته الكامنة في إيجاد من تخطّى ظروفاً حياتية معيّنة، تعلّم منها وأخذ العبر ليشكّل رسالة لسواه، مفادها أنه مهما بلغ حجم المشكلة، يبقى الأهم كيفية التعامل معها.
وعن أسلوب محاورة هؤلاء الضيوف وإنتقاء الكلام، قال: “عندما يكون لإنسان ما ميزة، نسمّيها حالة. هؤلاء مميّزون بأشياء أهم من موضوع الإعاقة لذا لا أنطلق في حواري من إعاقتهم. فعندما استضفت ربيع وفاطمة مثلاً، لم أفكّر للحظة أنهما كفيفان بل أنهما حبيبان يعيشان حياتهما بفرح. أنا أتصرّف مع الآخرين من منطلق إنساني لا إعلامي، فلا أسعى للسكوب. لذا متى تحدّث ضيف عن خصوصية معيّنة أفضل أحياناً حذفها، حرصاً على إطلالته بأبهى صورة، فلا يبدو ضعيفاً بل على العكس”.
وأسف بريدي لافتقاد الإعلام راهناً إنسانيته ورسالته، لمصلحة الأرقام. فقال: “مهنتنا مجزّأة ما بين الأرقام من جهة والتأثير في المجتمع والرسالة من جهة أخرى، علماً أن قصّة صغيرة يمكن أن تغيّر مفهومنا للحياة”.
وشددّ على أن الجماهيرية تتحقق تلقائياً متى وجد المشاهد أننا مقتنعون بما نقدّم. لهذا السبب نجح “متلي متلك” في توقيت عرضه. لافتًا إلى أنه لا يستطيع أن يكون محاوراً لقضايا متعلقة بالخلافات والإغتصاب وسفاح القربى، بل عرض حالات لأشخاص حققوا شيئاً في حياتهم على رغم أزمتهم الكبيرة.
وعن كيفية إقناع نجوم ومشاهير في التحدث عن تجاربهم الخاصة قال: “حققت خلال مسيرتي الإعلامية رصيداً معيّناً من المصداقية والثقة، لذا لا يترددون في المشاركة في برنامجي كونهم يدركون مدى حرصي الشديد على صورتهم سواء في الحوار أو في خلال توليف الحلقة”.
وعن الحلقة التي أثّرت فيه، أجاب: “استمتعت بمتابعة حلقة الإمام موسى الصدر عبر الشاشة، رغم أنني أجريت المقابلة التلفزيونية. لم أهدف الى طرح القضايا المتناولة يومياً في الإعلام حول سير التحقيقات وغيرها، بل التحدث عن شخصية عظيمة يتغنى فيها لبنان عبر محاورة أقرب الناس اليها”. ورداً على سؤال حول مدى انعكاس الخبرات الشخصية على خيارات الإعلامي المهنية قال: “الخبرة قائمة على مجموعة الأحداث التي نمرّ فيها ونتعلّم منها، والتي نبلغ من خلالها الإنسان الذي نحن عليه بمراحل معيّنة من الحياة. الإختلاف موجود وفق الخبرات، والظروف التي نمرّ فيها تصقل شخصيتنا”.
وأضاف: “إن العاطفة موجودة أساساً لديّ لكنني أصبحت أكثر ضعفاً عندما خبرت الأبوّة، فالطفل قادر على استخراج أشياء كثيرة من داخلنا”.
وبالنسبة إلى الحملة الإنسانية لدعم “سيزوبيل”، لفت إلى أن “50% من قيمة الفاتورة في مطعم “قرنفل” خلال النهار يذهب لدعمها. فمن واجب كل إنسان التفكير بإنسانيته، لأن الإنسانية هي الضامنة لإستمرارية البشرية. للأسف تطغى الأنانية المدمّرة على المجتمع والتعامل بمنطق التحصيل الحاصل واللامبالاة مع المحيط، فيما المطلوب التفكير كمجموعة”. مؤكداً أن “الإنسان أعظم مخلوق، قويّ، على صورة الله ومثاله إنما المشكلة تكمن في عدم معرفته مكامن قوّته إلا أن مَن تحدّته الحياة أظهرها. فكل إنسان عظيم لكنه لا يقدّر النعم المتوافرة حوله”.
وفي الختام، أكّد بريدي إستمرارية “متلي متلك” إلى حين اتخاذ القرار بانطلاق موسم جديد من “رقص النجوم”، عندها يتوّقف مرحلياً ليعود لاحقاً بموسم جديد.