لم تتناسب نتائج محادثات واشنطن وانقرة التي ترجمت باتفاق حول “المنطقة الآمنة”، مع مصالح النظام السوري الذي لم يتوان عن اعلان رفضه القاطع والمطلق للاتفاق، معتبرا أنه يشكل اعتداء فاضحا على سيادة ووحدة الأراضي السورية وانتهاكا سافرا لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”.
وفي حين لم تترجم مواقف الاطراف، حتى الان على ارض الواقع، تتجه الانظار نحو موقف روسيا من هذا الاتفاق وقدرتها على التوفيق بين حليفها الدائم النظام السوري والفريق الاخر، فهل تعطي موسكو بركتها؟
الخبير العسكري هشام جابر رأى في حديث لـ “المركزية” أن “عدم رضا النظام السوري على الاتفاق الذي ابرم بين واشنطن وانقرة بديهي”، قائلا: “من الطبيعي رفض دخول قوات تركية الى الاراضي السورية”، مذكرا أن “النظام يعتبر الوجود التركي العسكري في غرب الفرات غير شرعي”.
واشار الى أن النظام السوري لا يتفاوض مع تركيا حول هذا الملف بشكل مباشر بل عبر طهران وموسكو، والاتفاق الذي ابرم، جاء نتيجة عدم رغبة واشنطن بخفض مستوى العلاقات مع تركيا أكثر مما هي عليه فتفهمت مخاوفها حول الوجود الكردي في شرق الفرات”.
وقال: “صحيح أن النظام السوري اتخذ موقفا رسميا معارضا للاتفاق، لكن لا مصلحة له بالوجود العسكري الكردي المكثف على الاراضي السورية، واللّوم ملقى على الاكراد الذين يهددون وحدة سوريا”.
واشار الى أن “الاميركيين قدموا جائزة ترضية لتركيا عبر هذا الاتفاق، نظرا لمطالب تركيا الكبيرة التي لم يوافقوا عليها بشكل مطلق انما وافقوا فقط على بعض التدابير الامنية التي تطمئنها”.
ورأى جابر أن “النظام لن يصطدم بالقوات التركية في شرق سوريا بل سيبقى موقفه في اطاره الدبلوماسي والاعلامي”، مذكرا أن تركيا مُنعت من دخول منبج الموجودة غرب الفرات، وتاليا لم تستكمل وجودها هناك، علما أن منبج مدينة عربية لا تركية او كردية، ما يفسّر مطالبة اميركا وعدم سحب المقاتلين الاكراد من منبج، وتاليا لا يمكن لتركيا التقدم شرق الفرات عسكريا في حين لا يزال الاكراد موجودين غربا”.
وقال: “تركيا اعلنت الدخول عسكريا، لكن اميركا ستسمح بذلك بالقطارة، على قاعدة لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم”.
وعن دور روسيا وموافقتها على هذا الاتفاق، قال: “موسكو هي المايسترو على الساحة السورية، واللاعب الاهم ميدانيا، وعلى مر السنين تمكنت من التوفيق بين اطراف الازمة السورية بدراية وحكمة، لكن من الصعب ان تقنع النظام بقبول دخول القوات التركية موقتا”، معتبرا أن “دخول تركيا لن يضرّ كثيرا بالمعادلة القائمة في سوريا، نظرا لوجود قوات متعددة الجنسيات في شرق سوريا”.
وختم: “امام هذا الواقع الاستراتيجي العسكري، لا يوجد أمام الحكومة السورية حل الا الاعتراض والاستنكار اعلاميا ودبلوماسيا فقط ولن يتطور الى صدام عسكري”.