Site icon IMLebanon

“اللقاء المشرقي” يُبعث من جديد: مؤتمر دولي… بـ”نكهة رئاسية”

كتبت كلير شكر في صحيفة “نداء الوطن”:

 

مثيراً للجدل، كان توصيف مهمة وطبيعة “خلية السبت” التي كان يلتقيها العماد ميشال عون صبيحة كل يوم سبت في الرابية، قبل أن تحمله التفاهمات العابرة للاصطفافات إلى قصر بعبدا.

لم تكن يوماً هيئة استشارية بالمعنى الفعلي للكلمة، ولا ذراعاً تنفيذية، ولا حتى “فريق ظلّ” بدور واضح. بالأساس، كان من الصعب تعداد لائحة موسعة من القواسم المشتركة التي تجمع بين مكونات هذه الخلية، وحتى في الخلفية السياسية: سليم جريصاتي، ايلي الفرزلي، كريم بقرادوني، عبد الله بوحبيب، حبيب افرام وجان عزيز.

ومع ذلك، كان يحلو لأعضائها توصيف أنفسهم بأنهم مجموعة تفكير think tank، النموذج الرائد في الغرب، الأشبه بمطبخ عصف للأفكار، الذي كان يشاركه العماد عون طروحاته الاستراتيجية التي تتجاوز اليوميات وزواريبها. في المقابل، كان من الممكن رصد الدرجة العالية من الحساسية التي كان يكنّها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل لأعضاء الخلية، وقد تجلت في أكثر من محطة ومناسبة.

مع وصول الجنرال إلى بعبدا، اختفى أثر “الخلية”، أقلّه من أجندة لقاءات الرئيس الأسبوعية، وتوزعت اهتمامات الأعضاء بعد عودة الفرزلي إلى البرلمان وجريصاتي إلى الحكومة، محاولات “توزير” افرام، ودخول عزيز القصر مستشاراً ثم خروجه منه… إلى أن أطلت من نافذة “اللقاء المشرقي” الذي أعلن عن ولادته في 29 حزيران 2017 ضمن علم وخبر صدر في الجريدة الرسمية عن وزارة الداخلية تحت الرقم 1247. الملفت أنّ باسيل كان على رأس قائمة الهيئة التأسيسية “للقاء”.

وقد شرح العلم والخبر “غاية” إنشاء اللقاء “من ضمان توازن الجماعات والمشاركة في النظام والدولة والحكم والسلطات والادارات الى الحفاظ على هوية المسيحيين مروراً بالحفاظ على مقومات الدور والوجود المشرقي ديمغرافياً وجغرافياً من ضمن مسلّمة العيش المشترك، وعقد المؤتمرات واللقاءات والاجتماعات والحلقات الحوارية بالمواضيع الداخلة في أهداف الجمعية…”

يقول أحد اعضاء “اللقاء” إنّ المجموعة “أخذت على عاتقها أن تبقى “عقلاً” عند المسيحيين”، بمعنى عدم إقحام ذاتها في الصراعات اليومية والخلافات الضيقة، لا بل التفكير بعمق للإجابة عن تساؤلات من نوع: أين سنكون بعد ربع قرن؟ ماذا سيحصل للمسيحيين؟ أين سيكون لبنان؟ أي قانون انتخابي نريد؟ أي قانون يثبت الحضور الدائم للمسيحيين؟ كيف ننقذ النظام وإلى أين نحمله؟ مصير علاقاتنا مع الخارج؟ مع بقية المكونات؟

ويشير إلى أنّ المجموعة أبقت على علاقة مميزة مع الرئيس عون، فتلتقيه دائماً جماعةً وأفراداً للغوص في نقاشات عميقة تتصل بدور المسيحيين راهناً ومستقبلاً. وفي هذا السياق يعدّ “اللقاء” لمؤتمر دولي سيعقد في بيروت في 15 و16 تشرين الأول المقبلين برعاية وحضور رئيس الجمهورية تحت عنوان “لقاء صلاة فطور، الحوار نهج وطريق سلام، عن إشكاليات التعددية والحريات”، يقوم على أساس الدمج بين تقليديْن سنويين تنظمهما الإدارة الأميركية، ولكن من دون نسخ المشهدين:

فطور رئاسي يشارك فيه الرئيس الأميركي مع شخصيات أجنبية ويكون منصّة للعلاقات العامة والتواصل وعادة ما تحضره شخصيات لبنانية عدة (بينها حبيب افرام)، ومؤتمر يدعو إليه وزير الخارجية الأميركي تحت عنوان حرية الأديان.

ويلفت أحد أعضاء “اللقاء” إلى أنّ المؤتمر المنتظر سيحاول المزج بين النموذجين بدءاً من “الفطور الرئاسي” ومن ثمّ تحوله إلى منصّة فكرية تستضيف عدداً من الندوات (خمس ندوات) التي ستتمحور حول حرية الأديان والتسامح والحريات الشخصية على أن تحضره شخصيات من كل العالم معنية بحقوق الانسان وحقوق الجماعات…

لن توجه الدعوات طبعاً إلى الحكومات وإنما إلى شخصيات معنية بالمواضيع المثارة عبر سفارات بلادها في لبنان، وقد انطلق “اللقاء” في توجيه الدعوات لاستضافة نخبة من شخصيات مسيحية، إسلامية، شيعية، يزيدية، كردية، بهائية… ضليعة في هذا الملف من مختلف الجنسيات، الأميركية، الأوروبية، العربية، الإيرانية… إذ يفترض على سبيل المثال أن يشارك نواب أميركيون وشخصيات معنية بملف الحوار، ممثلون عن “مركز الملك عبد الله لحوار الأديان والثقافات” في المملكة السعودية، الأمير حسن بن الحسين، وشخصيات من قم ورؤساء جامعات إيرانية… أما الهدف “المعلن” فهو إظهار دور لبنان المميز كـ”واحة” للحريات الدينية والشخصية وكنموذج عيش مشترك، على علّاته، ولو أنّ لبنان يتقاعس عن هذا الدور، ولو أن أزماته تطغى في كثير من الأحيان على هذا الوجه المشرق. ولكن ما يهم “اللقاء” هو التأكيد على دور المسيحيين في هذا الشأن.

ولهذا يعتبر “اللقاء” نفسه غير معني بأي انتقاد قد يوجه له تحت عنوان أنّ “التيار الوطني الحر” يفتح أبواباً كبيرة كأبواب الحوار بين الأديان في وقت يفشل فيه في الحوار مع مكونات داخلية بسبب حالة الاشتباك القائمة مع الكثير من القوى السياسية. ويقول أحد أعضاء “اللقاء”: لسنا طرفاً في الصراعات الداخلية ولهذا لم نصدر مثلأً أي بيان تعليق على أحداث الجبل، وارتأينا البعد الثقافي في وجهتنا، وعلى هذا الأساس تبنينا ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية من باب السعي للمحافظة على الوجه التعددي للبنان والعمل على عودة المسيحيين إلى الدولة.

ماذا عن توظيف هذه “الجمعة” في معركة ترشيح باسيل لرئاسة الجمهورية؟

يجيب: ما نريده هو إظهار دور المسيحيين في لبنان وتكريس سنوية هذا الحدث وتثبيته حيث يفترض أن تحضره نحو مئة شخصية عالمية في نسخته الأولى… وإذا كان رئيس “التيار” مرشحاً، فهذا لا يعني أنّه علينا الامتناع عن العمل والنشاط لكي لا يجيّر عملنا في معركته الرئاسية!