كتب آلان سركيس في صحيفة “نداء الوطن”:
بعد المصالحة التي تمّت في بعبدا يوم الجمعة الماضي، طُويت صفحة الكلام عن تطويق الحزب “التقدّمي الإشتراكي” لينتقل الهمس عن محاولات لتطويق حزب “القوات اللبنانية” وعزله.
في عزّ أحداث الجبل الأخيرة، كان همّ قوى “14 آذار” فكّ الحصار عن رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط، وقد نجح هذا الأمر نتيجة صمود جنبلاط، ووقوف “القوات” وتيار “المستقبل” إلى جانبه.
أما الحديث عن محاولات عزل “القوات” بعد “الإشتراكي” فكان بسبب غياب “القوات” عن الإجتماع المالي الذي عُقد يوم الجمعة الماضي في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري ووزراء المال، شؤون رئاسة الجمهورية والاقتصاد، ورئيس لجنة المال والموازنة، وحاكم مصرف لبنان، ورئيس جمعية المصارف والمدير العام لرئاسة الجمهورية، وخُصّص للبحث في الاوضاع المالية والاقتصادية في البلاد. أما الغائب الأبرز فكان نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني.
ويؤكّد حاصباني أنّ “من دعا إلى الإجتماع المالي في قصر بعبدا وقرّر من سيكون في داخله هو من غيّبني عن هذا الإجتماع”، معتبراً أن “نائب رئيس الحكومة عرفياً يجب أن يكون حاضراً في مثل هذا النوع من الإجتماعات”. ويقول: “هذه الحالة تكرّرت في السابق، وهذا الموقع هو الأرثوذكسي الأول في السلطة التنفيذية، وبالتالي لا يجب أن يغيب عن إجتماعات من هذا النوع”.
ويرى حزب “القوات” أنّ هذا الأمر يُقرأ من منظارين، الأول تغييب لحزب “القوات” عن طاولة بعبدا، والثاني تغييب لموقع نائب رئيس الحكومة عن مثل هكذا إجتماعات.
وتلفت “القوات” إلى أن وزير العمل كميل أبو سليمان كان مدعواً إلى اجتماع بعبدا، لكنه كان مسافراً، وبالتالي لا يمكننا الحديث عن إستهداف كامل ومدروس لنا. لكن عدم دعوة نائب رئيس الحكومة هو محاولة لاستبعاد موقع نائب الرئيس واستهداف للملفات التي يدرسها حاصباني وهو ضليع فيها.
وتشير “القوات” الى أن وجهة نظرها من الملفات الماليّة لم تكن حاضرة على طاولة المباحثات المالية في قصر بعبدا، ومعروف عن “القوات” أن لها وجهة نظرها خصوصاً أن كل توصيات لقاء بعبدا مستوحاة من طروح الحزب، ولذلك كان يُفترض أن تكون “القوات” مشارِكة أساسية في اللقاء لأن كل مكوّنات الحكومة معنية بالواقع الاقتصادي”.
وتنطلق معارضة “القوات” لتغييب حاصباني من ثلاثة أسباب أساسية. السبب الأول لأنه تغييب لموقع نائب رئيس الحكومة، وهذا الموقع يجب أن يُحترم مثل بقية المواقع ويكون أساسياً ويأخذ موقعه الطبيعي، لا أن يُقصى ويتم التصرّف على أنه موقع غير موجود.
أما السبب الثاني لامتعاض “القوات” فهو لأن حاصباني يعكس وجهة نظر إقتصادية تفصيلية، ومعروف ان “القوات” هي أول من حذّرت من إنهيار الوضع الإقتصادي ودعت الحكومة إلى العمل من أجل إنقاذه.
والسبب الثالث يتمثّل في أن حاصباني نائب رئيس الحكومة ولا يملك حقيبة معيّنة، وبالتالي يُفسح له هذا الأمر النظر الى كل الملفات الإقتصادية التي تعاني منها البلاد مثل الكهرباء، الإتصالات وملفات أخرى يدرسها.
ومن هذا المنطلق، تُطلق “القوات” موقفاً تذكيرياً بوجوب حضور نائب رئيس الحكومة مثل هكذا إجتماعات إذا كانت عدم الدعوى قد سقطت سهواً، وفي المقابل فهناك موقف تحذيري إذا كان استبعاد حاصباني هو استبعاد لما يمثّل هذا الموقع وأيضاً لضرب “القوات اللبنانية”، خصوصاً أن “القوات” تتمسّك بنجاح الحكومة في معالجة الملفات الأساسية، واستبعادها يعني عدم القبول بأن تكون شريكة في الحكم.
وتتخوّف “القوات” من أن تكون هناك خلفيات لكلّ ما يحصل، خصوصاً أنه منذ فترة، يحاولون كسر تيار “المستقبل” من ثمّ ينتقلون إلى تطويق “الإشتراكي”، لينتقلوا بعدها إلى ضرب “القوات”، وذلك من أجل ضرب القوى السياديّة، والقضاء على مكوّنات “14 آذار”.
وتؤكّد “القوات” أن طبيعة المواجهة بعد أحداث الجبل الأخيرة عادت سنوات إلى الوراء وهي بين فريقَي 8 و14 آذار، فقد تمّت إستعادة الإنقسام القديم، ويقوم فريق “حزب الله” وحلفاؤه بمحاولة الإنقضاض على القوى السياديّة.
وتشير “القوات” إلى أن محاصرة جنبلاط كانت تعني بشكل واضح تطويق معراب ومن ثمّ الإنقضاض على “بيت الوسط”. وتشدّد على ان هناك “سيبة” ثلاثية مكوّنة من “الإشتراكي” و”القوات” و”المستقبل” في إستعادة لمشاهد 14 آذار، وأي ضربة لأحد هذه المكونات تعني إفساح المجال للإنقضاض على البقية، لأن هذا الثلاثي هو من يمنع محور “الممانعة” من بسط السيطرة على الحكومة وعلى القرار الوطني.
وبالتالي، يبقى علينا الإنتظار لمعرفة ما إذا كانت هناك خطة “مرسومة” لتطويق “القوات” أو أن محاولات التطويق قد فشلت الواحدة تلو الأخرى.