IMLebanon

هل من ترابط بين تراجع حزب الله عن مواقفه والحرب الاسرائيلية؟

منذ الساعات الاولى لوقوع مواجهة حادثة قبرشمون، رسم حزب الله حدود تدخّله من خلال التصريح الشهير الذي ادلى به الوزير محمود قماطي من دارة الحليف الدرزي الاستراتيجي والتاريخي رئيس الحزب “الديموقراطي اللبناني” النائب طلال ارسلان، بقوله “عصر الميليشيات والمناطق المغلقة ولىّ”.

وتدرّج دعمه لارسلان من تأييد مطلبه إحالة القضية الى المجلس العدلي ومحاكمة المسؤولين عنها وصولاً الى مقاطعة جلسات الحكومة قبل وضع الاحالة بنداً اول على جدول الاعمال.

إلا ان الحزب “وبين ليلة وضحاها” تراجع عمّا تمسّك به ومهّد لذلك بسلسلة مواقف اتت على لسان مسؤوليه تمحورت حول ضرورة تفعيل الحكومة في وقت نحن احوج ما نكون الى استقرار عمل المؤسسات.

اوساط سياسية سيادية عزت عبر “المركزية” تراجع الحزب عن مواقفه من الحادثة الى “اقتناعه” بعدم صوابية المواقف التي تموضع خلفها بعدما ايقن مدى صمود الجبهة المؤيّدة لرئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط وكان نواتها، الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.

فجنبلاط الذي تسلّح بهذا الدعم-فضلاً عن مساندة “تيار المرده” وحزب “الكتائب” صعّد مواقفه الرافضة لما اعتبره “ابتزازاً” من قبل ارسلان ومن يقف وراءه من حزب الله و”التيار الوطني الحر” لاهداف مرتبطة بتحجيمه وعزله سياسياً، نجح في شدّ عصب بيئته الدرزية التي التفّت حوله ولفت انظار سفارات دول غربية كان ابرزها الولايات المتحدة الاميركية من خلال بيانها اللافت شكلاً ومضموناً وتوقيتاً من ان هناك مؤامرة محلية وخارجية للنيل منه، فكان ان خرج منتصراً من الاختبار الامني-السياسي.

هذه المعطيات مجتمعة، جعلت ارسلان وفق الاوساط السيادية يتراجع عن مواقفه بناء على طلب “حزب الله”، خصوصاً بعدما تبيّن للاخير ان الرئيس بري ماضٍ الى النهاية في الوقوف مع جنبلاط ويرفض مع الحريري وجعجع هزم زعيم المختارة خشية ان تكرّ سبحة الهزائم لهذا المحور”.

ولفتت الى “ان حزب الله ومن خلال مروحة التضامن الواسعة مع جنبلاط، اكتشف انه لا يمكنه ان يحقق اي مكسب من حادثة الجبل لا بل قد تنعكس عليه وعلى علاقته مع “حركة امل” ومع الدروز بعد التفاف الجبل وراء جنبلاط، وقرأ بين سطور التطورات الاقليمية اشارات “غير مُطمئنة” لوضعه-وهو ما يتقاطع مع بيان السفارة الاميركية، لذلك طلب من ارسلان التراجع تحسّباً لمواجهة قريبة تتطلّب تحصين وضعه الداخلي”.

ويأتي في السياق، كلام رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد منذ ايام ان “​اسرائيل​ تتهيأ لشنّ حرب علينا، والمقاومة جاهزة​ لملاقاته برجالنا، بمجتمعنا، بقدراتنا، بكل ما حضرناه لها”.

واعتبرت الاوساط السياسية “ان حزب الله بموقفه هذا يتحسّب لتداعيات اي حرب اسرائيلة ضدّه وما ستُسببه من هجرة داخلية لابناء الجنوب في اتّجاه مناطق لبنانية اكثر اماناً قد تكون من ضمنها قرى وبلدات الجبل ذات الغالبية الدرزية-الاشتراكية. لذلك يحرص الحزب في هذه الفترة على افضل العلاقات مع مختلف المكوّنات “لتأمين” الاحتضان اللبناني لابناء الجنوب اذا ما وقعت الحرب، تماماً كما حصل في العام 2006.

فإذا بقي التوتر الطائفي سيّد الموقف بين “بيئة” الحزب والبيئات الاخرى، فإن ابناء الجنوب سيجدون صعوبة في استضافتهم من قبل ابناء المناطق الاخرى”.

من هنا، “تراجع” الحزب عن تأييده لمطالب ارسلان على حساب المصلحة العامة والحوار وتسيير عمل المؤسسات، وترك المعالجة الامنية والقضائية لحادثة قبرشمون للجهات المختصة، لان برأيه تحصين الوحدة الداخلية وتنقية الاجواء ضرورة لمواجهة اي استحقاقات مقبلة على البلد سواء عسكرية-امنية او اقتصادية من خلال العقوبات الاميركية”، تختم الاوساط السيادية.