كتب آلان سركيس في صحيفة “نداء الوطن”:
تنظّم نقابة المحرّرين تجمّعاً واعتصاماً عند الحادية عشرة من قبل ظهر الثلثاء في ساحة الشهداء، بعد الوضع المزري الذي وصل إليه القطاع.
لطالما كانت بيروت رائدة الإعلام في الشرق الأوسط، وشكّل لبنان نتيجة الحرية التي يتمتّع بها المنبر الإعلامي الأول في المنطقة العربية التي كانت تحكمها الديكتاتوريّات.
وبين لبنان والإعلام علاقة وطيدة، إذ إنّه لا يمكن تصوّر هذا البلد من دون وسائل إعلام حديثة، حيث كان السبّاق في الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي والإلكتروني أيضاً. لكن “الزمن الأول تحوّل”، وبدأت منذ سنوات الأزمة المالية للصحف والتي “ضربت” صحفاً عريقة ما تسبّب بإقفال بعضها، كذلك إنتقلت إلى التلفزيونات مع أزمة تلفزيون “المستقبل” التي لا تنفصل عن أزمة إعلام “المستقبل” ككل.
وتعمل نقابة المحرّرين، صاحبة الدعوة إلى الإعتصام، على الحشد قدر الإمكان لاعتصام الغد، في وقت يحاول البعض التصويب على الإعتصام وسط الحديث عن خلافات بين نقابتَي المحررين والصحافة، وكلام البعض الآخر عن غايات وأهداف بسبب توقيت الإعتصام.
وفي السياق، يوضح نقيب المحرّرين جوزف القصيّفي لـ “نداء الوطن” أن “تحرّك الغد يشمل كل الجسم الصحافي (المرئي والمكتوب والمسموع والإلكتروني) والعاملين في قطاع الصحافة والإعلام مثل المصوّرين ومخرجي الصحافة، لأن الجسم الإعلامي هو جسم بأعضاء كثيرة لكنها متكاملة لأداء رسالة واحدة”.
وفي حين يتحدّث البعض عن أجندات معيّنة للإعتصام تدخل فيها الحسابات السياسيّة، يشير القصيّفي إلى أنّه “لا وجود لأجندات خاصة، والتحرّك ليس موجّهاً ضد أي فئة أو مؤسسة، مع تفهّمنا التام وتضامننا مع كل الزملاء الذين عانوا ويعانون كثيراً من تدابير طاولتهم أو قد تطاولهم لاحقاً بسبب الأزمة الخانقة التي يعيشها قطاع الإعلام”.
ويؤكّد أن هذا التحرك “هو مناسبة لإطلاق صرخة إعتراض وألم نتيجة الحالة المزرية التي بلغتها المهنة بسبب عدم الإهتمام الرسمي الجاد بملف الصحافة والإعلام، والتأخُّر في الإستجابة لطلب نقابة المحرّرين وجوب وضع قانون عصري وحديث وشامل للإعلام يستجيب للتحديات التي تواجه الصحافة والإعلام في وقتنا الراهن، لأن القانون الذي نعمل تحت ظلّه يعود الى النصف الأول من ستينات القرن الماضي وقد مرّ عليه الزمن وبات بحاجة الى تطوير وتحديث”.
ويلفت القصيفي الى أن المحاولات التي تمّت سابقاً من قِبل لجنة الإدارة والعدل لم تُثمر بعد، كما أن المشروع الذي يُعدّل أحكام قانون المطبوعات ويتّصل بإنشاء نقابة المحرّرين والمُحال الى مجلس النواب والذي ينصّ على توسيع إنضمام العاملين في القطاع الى النقابة لا يزال يرقد في الأدراج”.
ويشدد على أن “أحد أسباب التحرك هو الإفتقاد الى الجدّية في التعاطي مع مطالبنا وخصوصاً إنشاء صندوق يموّل من عائدات الدولة ويخصص لإنشاء صندوق تعاضدي وتقاعدي لضمان شيخوخة وصحة الصحافي، الى ذلك طلبنا وتلقينا وعداً من وزارة العمل لتنسيب الزملاء غير المضمونين إلى صندوق الضمان – فرع المرض والأمومة وما زلنا ننتظر”.
ويشير القصيفي إلى وجود “العديد من المطالب التي تقدّمنا بها وبعضها كناّ نحصل عليها، لكن بشطبة قلم حُرمنا منها”، معتبراً أن “التحرك هو لرفع الصوت، واختبار لوحدة الزملاء والتماسك في ما بينهم”.
ويحاول البعض الدخول على الخطّ للتوفيق بين نقابتَي الصحافة والمحرّرين، إذ إن الجسم الإعلامي لا يمكنه الإستمرار في ظل عدم التوافق بين النقابتين، خصوصاً أن الرابط هو أساسي بين الصحافي وصاحب المؤسسة.
ويشير نقيب الصحافة عوني الكعكي لـ “نداء الوطن” الى أن النقابة لن تشارك في تحرّك الغد. ويوضح أن “الأمور بين نقابتَي الصحافة والمحرّرين تُعالَج بحكمة ورويّة، ولا يريد أحد الإصطدام مع الآخر، والمعالجات تجري على قدم وساق”. ويلفت إلى أن “وضع القطاع الصحافي ليس على ما يرام، فهناك صحف كثيرة أقفلت، وهذا الأمر يدعو إلى القلق”، مؤكداً أنّ “الوضع الصحافي بشكل عام بحاجة إلى معالجة جادّة وجذرية، فالقطاع على شفير الإفلاس، لذلك نعمل بكل هدوء من أجل إنقاذه والوصول إلى الحلول التي نطمح إليها ويطمح إليها جميع العاملين في هذه المهنة”.
وتحاول نقابة المحرّرين أن يكون التحرّك شاملاً ويضم كل الجسم الإعلامي، ولذلك كثّفت إتصالاتها مع بقيّة النقابات. وفي هذا الإطار، يلفت نقيب المصوّرين عزيز طاهر لـ “نداء الوطن” إلى أن “تحرّك الغد هو لرفع الصوت عالياً والقول إن الجسم الإعلامي موحّد”، مؤكداً أن “المصوّرين سيشاركون بكثافة يوم غد للمطالبة بدعم الدولة”. ويطالب طاهر بـ “ضرورة قيام صندوق تعاضدي لكل العاملين في قطاع الإعلام من دون استثناء”، مشيراً إلى أنه “يتوجّب على الدولة القيام بشيء ما لإنقاذ هذه المهنة”. ويؤكّد أن “الصحف وبعض وسائل الإعلام هي من تراث البلد، وفرنسا أنقذت بعض وسائل الإعلام فيها لأنها تتعلّق بذاكرتها، لذلك يتوجب على الدولة اليوم قبل الغد القيام بدعم الإعلام بالطريقة التي تراها مناسبة، فنحن نريد أكل العنب لا قتل الناطور”.
من جهتها، دعت نقابة مُخرجي الصحافة ومصمّمي الغرافيك إلى “أوسع مشاركة في تحرك نقابة المحرّرين الثلثاءً”.