تواصل فرنسا جهودها لانقاذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع ايران والمهدّد اليوم أكثر من أي وقت مضى، بالسقوط. وهي لا تفوّت مناسبة “دولية” الا وتستغلّها لطرح هذا الملف، محاولة حشد القوى الكبرى لدعم مساعيها لاعادة الروح الى التفاهم المذكور.
وفي السياق، وغداة استقبال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في مارسيليا نظيره الروسي فلاديمير بوتين، حيث كان توافق على ضرورة إبقاء خطوط التواصل مفتوحة مع ايران وترميم “النووي”، وعلى رفض الخيارات الاميركية في هذا الخصوص، وعشية قمة قادة G7 التي تستضيفها مدينة “بياريتز” الفرنسية يومي 25 و26 آب الجاري، والتي ستكون القضية الايرانية حاضرة في كواليسها بلا شك، يحط وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الجمعة في باريس. ووفقا لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا)، سيلتقي ظريف خلال الزيارة الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته جان إيف لودريان.
الزيارة التي تأتي ضمن جولة واسعة يقوم بها الدبلوماسي الذي “أكل نصيبه” من العقوبات الاميركية منذ ايام، وقد شملت الكويت وفنلندا والسويد وستستكمل في النرويج ففرنسا وصولا الى الصين الاسبوع القادم، سيناقش خلالها ظريف مع المسؤولين الفرنسيين، جديدَ المحادثات والاتصالات التي يجريها الاليزيه، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”.
فالجمهورية الاسلامية جاهزة لوضع حد للمسار الذي بدأته منذ أشهر والقائم على خرق تدريجي لبنود الاتفاق النووي، لكن شرط تجاوب الاوروبيين مع ما تطالبهم به طهران لمساعدتها على تخفيف الحصار الاقتصادي المفروض عليها، وذلك يكون أولا باتخاذ “القارة العجوز” قرار تفعيل آلية “انستكس” للتبادل التجاري مع الجمهورية الاسلامية. أما اذا لم تفعل، فإن ايران ستستمر في الاخلال بتعهداتها “النووية” تباعا.
وفق المصادر، ماكرون خصوصا والاوروبيون عموما، لم يحسموا موقفهم بعد من هذا المطلب. فهم يخشون ان تطال “مقصلة” الاجراءات الاميركية رؤوسَ دولهم إن هم مدّوا يد العون لايران، خاصة وان “انستكس” في الحقيقة، ليست الا وسيلة للالتفاف على عقوبات واشنطن!
واذ تلفت الى ان مشاركة الرئيس الاميركي دونالد ترامب في قمةG7 ستشكّل فرصة لحوار بينه وبين “سيّد الاليزيه”، الذي سيجسّ نبض البيت الابيض حيال اي خطوة اوروبية ترمي “طوق نجاة” لايران، تشير المصادر الى ان الولايات المتحدة بقدر ما هي راغبة بحوار مع ايران بقدر ما تريده بشروطها هي (الشروط الاميركية)، وهي ترى ان لا سبيل للوصول الى النتيجة هذه، الا من خلال “سلاح” العقوبات الاقتصادية، كونها لا تبدو في وارد اللجوء الى “القوة” اي الى خيار المواجهة او الضربات العسكرية، أقلّه حتى الساعة، وحتى انقضاء الانتخابات الرئاسية الاميركية التي ينوي ترامب خوض غمارها مجددا.
فهل هذا يعني ان ترامب سيواصل تشدده مع الايرانيين كما مع الاوروبيين؟ واذا كانت هذه هي الحال، هل يمكن ان يقرر ماكرون “تحدّي” الموقف الاميركي إنقاذا للنووي؟ أم ان “تردّد” الاوروبيين سيستمر، تماما كما إفراغ “الجمهورية الاسلامية” الاتفاقَ من مضمونه، علما ان ظريف اعلن اليوم “اننا لن ننسحب من الاتفاق النووي لأنه اتفاق جيد والتخلي عنه سيفتح باب الجحيم”؟ الايام المقبلة ستحمل الاجوبة الشافية.