تجاوزت حكومة “الى العمل” ومعها التسوية قطوع حادثة البساتين بعد وضعها على سكّة المسار القضائي-السياسي نتيجة اتصالات ولقاءات مكوكية توزّعت بين المقار الرسمية ومختلف القوى السياسية.
وابعد من الالتفاف الدرزي والسياسي حول رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط لمنع محاولات عزله او تحجيمه في الجبل التي تحدث عنها في سلسلة تغريدات ولو مُقتضبة، برزت نواة جبهة سياسية جمعها رفض المسّ بالطائف والصلاحيات والتوازنات من قبل بعبدا تظهّرت اولا في رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى مجلس النواب عبر رئيسه نبيه بري يطالب فيها بتفسير المادة 95 من الدستور لناحية المناصفة في الوظائف والمحافظة على حقوق المسيحيين وحُدد موعد مناقشتها في اول جلسة للمجلس في دورته العادية في 17 تشرين الاول، وثانيا في اتّجاه رئاسة الحكومة استناداً الى الفقرة 12 من المادة 53 من الدستور التي تجيز لرئيس الجمهورية الطلب من رئيس الحكومة دعوتها للاجتماع استثنائياً، بعدما اُقفلت طريق الحكومة بالمتاريس السياسية والمواقف المتصلّبة.
ومع ان ركائز هذه الجبهة وهم الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع والى جانبهم حزب “الكتائب” و”تيار المرده” تكتلوا الى جانب جنبلاط منذ وقوع حادثة الجبل، الا انهم تماهوا في مواقفهم اخيراً برفض المسّ باتفاق الطائف او تعديله ولو بالممارسة، اذ يتعرض بين الحين والاخر الى اهتزازات ومحاولات تعديله، وعدم اللعب بالتوازنات الدقيقة القائمة في البلد منذ توقيعه.
وبرزت وحدة هذه الجبهة في رفض وضع الفريق الاخر شروطه المُسبقة في وجه جنبلاط لعقد جلسة للحكومة بوضع ملف إحالة الحادثة الى المجلس العدلي بنداً اوّل على جدول الاعمال وهو ما اعتُبر تعدّياً على صلاحيات رئيس الحكومة المخوّل حصراً وضع جدول الاعمال، إضافةً الى مضمون رسالة رئيس الجمهورية الى رئيس الحكومة بالطلب منه دعوة الحكومة الى اجتماع إستثنائي.
ولعل البارز في هذه الجبهة موقف الرئيس بري في وجه حليفه حزب الله الذي ساند منذ البداية حليفه رئيس الحزب “الديموقراطي اللبناني” النائب طلال إرسلان في مواقفه من حادثة قبرشمون، وذهابه بعيداً في التمايز عنه بانه سيصوّت الى جانب “صديقه” جنبلاط في رفض الاحالة الى المجلس العدلي اذا ما اعتُمد خيار التصويت داخل مجلس الوزراء.
ولا يبدو ان هذه الجبهة “بنت ساعتها” تم تشكيلها لضرورات سياسية لمواجهة حادثة طارئة، بل ستستمر لانها ضمانة لعدم المسّ باتفاق الطائف والصلاحيات وفق ما تقول اوساط سياسية مراقبة لـ”المركزية”، خصوصاً في ظل الحديث عن وجود محاولات وبشتى الاساليب للوصول الى تعديل الطائف من خلال انتقاده واعتبار ان المعطيات يوم وُضع قد تبدلت وتغيّرت ولا بد من اخذها في الاعتبار تماماً كالكلام الاخير عن الاستراتيجية الدفاعية وان مقاييسها قد تغيّرت”.
ولاحظت الاوساط “ان الرئيس الحريري وخلال زيارته واشنطن تحدّث عن هذه الجبهة في معرض تأكيده ان من يمسّ بجنبلاط جسدياً ومعنوياً يمسّ بكل القوى السياسية، وان التوازنات القائمة في البلد لا يُمكن لأحد المسّ بها، ما يعني انها ستدوم وستظهر في استحقاقات مقبلة ان داخل الحكومة او في المجلس النيابي”.