كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
باكراً هذه المرة ووسط مخاوف جدية، يتجه الاهتمام السياسي الفلسطيني واللبناني إلى انعقاد الدورة الـ 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستنعقد في نيويورك في 17 أيلول المقبل، حيث سيجري التصويت على ولاية جديدة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الاونروا” لمدة ثلاث سنوات كالعادة، كان آخرها في الدورة السبعين في أيلول 2016 بالتصويت لـ167 دولة لمصلحة التجديد الذي بدأ عملياً إبتداءً من الأول من كانون الأول 2016.
الاهتمام الباكر والمخاوف الجدية لهذا التصويت هذه المرة، يأتيان على خلفية سلسلة من التطورات السياسية الهامة التي تتعلق بالقضية الفلسطينية عموماً وقضية اللاجئين وحق العودة خصوصاً، تزامناً مع “صفقة القرن”، وبدء الحملة الأميركية لإنهاء عمل الوكالة عبر سلسلة من الخطوات أبرزها وقف الدعم المالي المقدم لها والمقدر بنحو 360 مليون دولار سنوياً، ما أوقعها في عجز مالي كبير لم تستطع حتى اليوم النهوض منه، ناهيك عن المواقف لمسؤوليها وليس آخرها مبعوث السلام الأميركي للشرق الأوسط جيمس غريمبلات أثناء انعقاد لقاء مجلس الأمن الدولي في 22 أيار الماضي، عندما قال إن وكالة “الأونروا” قد أصبحت في “الرمق الأخير”، داعياً إلى انتقال الخدمات التي تقدمها إلى الدول المضيفة للاجئين والمنظمات غير الحكومية.
ويكثر التساؤل على الصعد الشعبية والنخبوية والسياسية والديبلوماسية وأصحاب القرار فلسطينياً وعربياً ودولياً وموظفي الوكالة، إن كان سيحصل التجديد أم لا؟ حيث يؤكد المدير العام لهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين علي هويدي لـ “نداء الوطن”، أنّ المرحلة هي الأخطر التي تمر بها وكالة الاونروا في ظل شعور متزايد بأن ثمة صيغة أميركية لتصفية أعمال الوكالة تطبيقاً لبنود صفقة القرن ما ظهر منها وما بطن”.
ويشير هويدي إلى سلسلة من السيناريوات المحتملة، منها التجديد الطبيعي لعمل الوكالة كما جرت العادة، أو التصويت بعدم التجديد، أو التصويت للتجديد لكن مع تراجع في عدد الدول المؤيدة، أو التصويت للتجديد مع تعديل في سياسة عمل الوكالة، وآخرها التصويت كروتين دوري وصولاً لتحويلها إلى وكالة شكلية غير فاعلة”، قبل أن يعود ويؤكد أن “السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن الإدارة الأميركية والكيان الإسرائيلي يدركان بأنه ليس من السهولة أبداً إلغاء قرار إنشاء الوكالة رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لسنة 1949 وهو أمر مستحيل أو على الأقل غير متاح في الظروف والمعطيات الراهنة وموازين القوى الدولية، وهو الحق الذي تمتلكه حصراً الجمعية العامة لا سواها، ناهيك عن أنّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ودول الاتحاد الأوروبي، مجتمعةً أو على شكل فردي، أو جامعة الدول العربية، أو منظمة التعاون الإسلامي أو غيرها من المؤسسات العالمية الفاعلة والمؤثرة سياسياً، تعتبر أن “وكالة “الأونروا” حاجة إنسانية ضرورية وملحة للاجئين الفلسطينيين وعنصر أمن واستقرار في منطقة الشرق الأوسط”.
وفي المقابل، لفت هويدي الى “ضرورة التنبه لتكثيف الجهود الديبلوماسية من الإدارة الأميركية والكيان الإسرائيلي بالعمل على إفشال عمل الوكالة، ولتحويلها إلى وكالة شكلية غير فاعلة لا حول لها ولا قوة، وحتى لو تم التصويت لاستمرار عملها كل 3 سنوات، بصرف النظر عن عدد الدول التي ستصوت (167 دولة كثُرت أو تراجع عددها)”، محذراً من “العمل تدريجياً، على انتقال الخدمات إلى الدول المضيفة من خلال التدرج في تجفيف مصادر تمويل الوكالة من جهة، وتوفير الدعم المالي للدول المضيفة للاجئين وللمؤسسات الأهلية التي ستقدم الخدمات البديلة أولاً بأول”.
يذكر أنه في أعقاب نكبة فلسطين العام 1948، تم تأسيس “الأونروا” بموجب القرار رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 كانون الأول 1949 بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين. وبدأت الوكالة عملياتها في الأول من شهر أيار العام 1950 وفي غياب حل لمسألة لاجئي فلسطين، عملت الجمعية العامة وبشكل متكرر على تجديد ولاية الأونروا، علماً أنه في ديباجة قرار إنشاء الوكالة والفقرة 5 والفقرة 20 ثمة إشارة إلى ارتباط خدمات وكالة “الأونروا” بتطبيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وبالتالي من المُستبعد أن يجرى أي تعديل على مهام الوكالة ودورها وعملها.