أعلن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أننا “نتطلع لمزيد من التنسيق في الأمور الأساسية مع تركيا، ونشكرها لوقوفها إلى جانب لبنان في مواجهة التعديات الإسرائيلية ومشاركتها في قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان “اليونيفيل”.
وأضاف، خلال استقباله نظيره التركي مولود جاويش أوغلو: “نعيش معا تحديات عديدة ومشتركة أهمها الأزمة السورية التي تحمل البلدان بسببها الكثير من التداعيات على الصعيد الأمني وتسلل الإرهاب الذي تعاملنا معه بما يلزم، كذلك واجهنا أزمة النزوح وتركيا تستقبل عددا كبيرا من النازحين السوريين، ولبنان نسبة إلى مساحته وتعداد سكانه يستقبل العدد الأكبر منهم، ليس فقط في المنطقة بل في العالم. وهذا واجب نقوم به تجاه أي إنسان محتاج، فكم بالحري إذا كان الشقيق السوري هو من يمر بهكذا حاجة. ونعتبر أن الحاجة تتلاشى وآن الأوان للمواطن السوري أن يعود إلى وطنه بشكل كريم وآمن. وعلينا أن نتعاون وننسق مع تركيا والأردن ودول الجوار المحيطة بسوريا لتآمين الظروف المؤاتية لهذه العودة”.
وأضاف: “ليس سرا أن نظرة تركيا ولبنان مختلفة تجاه موضوع النزوح السوري بسبب واقعين مختلفين لأن كل بلد لديه خصوصيته، لذلك نتعاون وننسق وكل بلد يمكن أن يجد الحل المناسب مع مصالحه لتأمين هدف واحد وهو العودة الكريمة والآمنة للسوريين إلى وطنهم”.
وتابع: “بالنسبة لسوريا، نحن مع الحل السياسي وندعم حق الشعب السوري في تقرير مصيره إلى جانب دعمنا لمسار “آستانا” حيث يشارك فيه لبنان بصفة مراقب ونشكر تركيا على دعوتها لنا. كذلك ندعم “مؤتمر جنيف” وكل المقررات الدولية المتعلقة بسوريا. ولبنان يدعو إلى التفريق بين الحل السياسي وضرورة السير به إلى جانب ضرورة المضي بتأمين عودة النازحين وإعادة إعمار سوريا”.
وأردف: “بالنسبة للقضية الفلسطينية وما ترافق مؤخرا مع “مؤتمر البحرين” و”صفقة القرن” وكل ما يتم التداول حوله بخصوص الحل المقترح، فموقف لبنان مبدئي لجهة رفض شراء الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني في لبنان، ونعتبر أن الحقوق لا تباع والكرامات لا تشترى وحق الشعب الفلسطيني مقدس وكرامته تعلو فوق كل اعتبارات أخرى”.
وحيا باسيل “الموقف التركي المشرف من القضية الفلسطينية ومن قضية نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وكل ما قامت به لفك الحصار عن الشعب الفلسطيني. كما نؤكد رفض لبنان قرار ضم الجولان المحتل إلى اسرائيل ونؤكد سوريته وهويته العربية”.
وقال: “ناقشنا العلاقات الاقتصادية بين البلدين وضرورة تعزيزها ومتابعتها لأن التبادل التجاري وصل إلى زهاء 1,2 مليار دولار أميركي وتركيا هي وجهة سياحية أساسية للبنانيين الذين قاموا بزيارة تركيا في السنوات الأربع الأخيرة وفاق عددهم المليون، حيث قدمت لهم الخدمات السياحية الجيدة. ونأمل من تركيا أن تشجع السياح الأتراك على زيارة لبنان وسيلقون استضافة ممتازة إلى جانب أفضل الخدمات”.
وردا على سؤال قال باسيل أن “نظيره أوغلو أبدى رغبة في استثمار الشركات التركية في لبنان خصوصا في مجال الطاقة، وقد شرحت له عن المشاركة التركية الحالية في المشاريع الاستثمارية في لبنان ومنها البواخر التركية ومؤخرا فوز شركة تركية في المناقصة حول سد بسري إلى جانب مشاريع أخرى في مجال الطاقة، ووضعته في أجواء مشاريع أخرى منوي إجراؤها في مجال الطاقة المتجددة”، لافتا إلى أن “الشركات التركية مؤهلة للمشاركة في المناقصات، ما يساعد في تطوير العلاقات وزيادة الاستثمار بين البلدين”.
ولفت إلى أنه “في مجال الطاقة، لا نرى أن لبنان بحاجة للدخول في محاور وتحالفات تتصارع لأن موقعه فريد في المنطقة بكل المعنى الجغرافي والجيوسياسي ولديه المؤهلات البشرية، وإن شاء الله لديه الموارد النفطية التي تحتاجها المنطقة ودول الجوار وصولا إلى أوروبا، وهذا ظهر من خلال استقطاب لبنان لشركات عالمية كبرى للمشاركة في المزايدات التي تحصل وعلى هذا الأساس يستطيع لبنان أن يلعب دورا تكامليا ويتفاهم مع عدد كبير من دول المنطقة ما عدا إسرائيل. وإلى جانب علاقاتنا مع تركيا نأمل أن نرتبط معها نفطيا”.
بدوره، قال أوغلو: “نحن ننظر للبنان كدولة مجاورة وشقيقة واستقراره ونموه بالنسبة لنا مهم جدا وسنستمر بدعمه من أجل تنميته والتعاون بين البلدين مستقبلا ونحن نهتم أيضا بالتنمية الاقتصادية فيه، لذلك بحثنا مع باسيل في كيفية نمو الاقتصاد اللبناني ودعمه ونعلم أن الشركات التركية تود الاستثمار في السوق اللبناني وندعم ذلك لتنمية اقتصاده”.
ولفت إلى أن “الشركات التركية تود أيضا الاستثمار في مجال الطاقة، ونشكر الدولة اللبنانية على دعمها وثقتها بهم في تطوير مجال الطاقة في لبنان. ونتطلع إلى موافقة لبنان على اتفاقية التبادل التجاري الحر الذي جرى التوقيع عليه في العام 2010، وننتظر من الدولة اللبنانية التوقيع عليه لتكامل التعاون التجاري في المنطقة بين الجميع. وبفضل إلغاء التأشيرات السياحية بين البلدين، وكما أشار باسيل، فإن عددا كبيرا من اللبنانيين يزورون تركيا وكذلك السياح الأتراك الذين يقومون بزيارة لبنان”.
وتابع: “بالنسبة لسياسات المنطقة، نحن لا نختلف أبدا مع باسيل ونشاركه ذات الرأي في المواضيع المتعلقة بالمنطقة. نحن نريد حلا سياسيا للأزمة السورية في المنطقة وأن ينضم لبنان إلى محادثات “آستانا” لذلك وجهنا إليه الدعوة كدولة مراقبة وسيشارك العراق أيضا في هذه المحادثات لحل الأزمة السورية. أما بالنسبة للقضية الفلسطينية، نحن سنستمر في الدفاع عن حقوق إخوتنا في فلسطين ونريد أن نطلع العالم كله، خصوصا أميركا التي بدأت بهذه الحملة، أن حقوقهم لا تباع ولا تشترى. نحن ضد الاعتداءات الاسرائيلية على الأراضي اللبنانية والفلسطينية وعلى الأراضي السورية في الجولان وندعم كل الجهود اللبنانية للتصدي للعدو الإسرائيلي”.
وكشف أننا “سنتقاسم الخبرات مع الدولة اللبنانية لإعادة النازحين السوريين الذين نستضيفهم كضيوف إلى أراضيهم سالمين وسنتعاون مع المجتمع الدولي لإعادتهم بشكل آمن وسليم الى المناطق التي حررتها تركيا، وقد عاد إليها حتى اليوم زهاء 3640 نازحا سوريا. نحن كدولة تركية نتفهم أكثر من غيرنا من الدول معاناة الدولة اللبنانية بالنسبة للنازحين السوريين وسنتعاون معها لحل هذه الأزمة في أسرع وقت”.
وعن استراتيجية معينة بين لبنان وتركيا لإعادة النازحين السوريين، قال أوغلو: “في الدرجة الأولى هو موضوع إنساني وتطرقنا إليه خلال لقاءاتي التي أجريتها وبحثنا في كيفية العمل سويا لإعادتهم، إلا أن التعاون بين الدولتين لا يكفي بل يجب تعاون المجتمع الدولي وكل المنظمات الدولية لحل هذه المسألة ويجب إعطاء الثقة للنازح السوري كي يعود. وعلى المجتمع الدولي دعم النازحين الذين عادوا إلى المناطق المحررة وتوفير مقومات الحياة الكريمة لهم. ومن الممكن عقد مؤتمر دولي بين تركيا ولبنان والدول المجاورة كالأردن حول عودة النازحين وترغيبهم للعودة وسأتناول هذا الموضوع لاحقا”.
وأكد أننا “جاهزون للعمل مع أي دولة ترغب في التقاسم العادل للطاقة، وعلى استعداد لاستكمال عمل استخراج الطاقة من لبنان وتصديرها إلى الدول الأوروبية عبر الخط بيننا. وكما نحرص على عدم الاعتداء على الحقوق النفطية لتركيا وقبرص، كذلك نحرص على عدم الاعتداء على الحقوق النفطية للبنان”.
وأضاف: “بدأنا أعمال التنقيب عن النفط في البحر الأبيض المتوسط على الحدود التابعة لتركيا وفي المرحلة الثانية قمنا بالتنقيب في الحدود البحرية شمالي قبرص لاستخراج الحقوق النفطية لهم. ونوجه رسالة إلى جميع دول المنطقة والعالم، أننا سنحمي جميع الحقوق النفطية لتركيا وشمال قبرص ولن تكون اتفاقيات لاستخراج النفط في المنطقة من دون تركيا وشمال قبرص. وإذا تم الاتفاق العادل بين الجميع ستزدهر وسيتم تصدير الطاقة عبر تركيا إلى دول الخارج”.
ونفى أوغلو “وجود قوات لتركيا في شمال سوريا”، وقال: “هناك اشتباكات بين مناطق إدلب والجيش السوري في المناطق القريبة من نقاط مراقبة للعسكر التركي. ونحن شاركنا في محادثات مع الدولتين الروسية والإيرانية لإنهاء الأزمة السورية من خلال الحل السياسي لعودة سالمة للنازحين”.
وعن سبل التصدي للاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، قال: “تركيا دائما كانت إلى جانب الضعيف لا القوي وإلى جانب المستهدف لا المعتدي، لذلك ستكون دائما إلى جانب الفلسطينيين في القدس واللبنانيين في لبنان والسوريين في الجولان وسنكون دائما إلى جانب الحق والعدل”.