كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
يستمرّ الأخذ والردّ بين إسرائيل و”حزب الله”، خصوصاً أن الملعب لم يعد يقتصر على لبنان بل بات يشمل سوريا بشكل كبير. وطالما أن الدولة الفعلية في لبنان لم تقم بعد والسلاح لم يُحصر بيدها، تتواصل مسلسلات الضربات بين تل أبيب والضاحية الجنوبيّة، وقدّ تمثّلت هذه المرّة بحرب طائرات الإستطلاع “المبهمة”. وبعدما سلّم الجميع بأن الطائرتين اللتين سقطتا في حيّ ماضي إسرائيليتا المصدر، وذلك بالإتكال على البيانات الرسميّة وغير الرسميّة التي صدرت، هناك أسئلة عدّة تطرح في هذا السياق منها: لماذا أتت حادثة الضاحية بعد فترة قصيرة على استهداف إسرائيلي للحرس الثوري الإيراني و”حزب الله” في جنوب دمشق، ومن يملك الرواية الحقيقيّة لما حصل؟
يؤكّد العميد المتقاعد خليل الحلو لـ”نداء الوطن” أن “المسؤولين العسكريين في إسرائيل صرّحوا أكثر من مرّة أننا نفذنا غارات في سوريا ودمّرنا منشآت إيرانية وسنضرب إيران أينما كان، وهذا الأمر قاله أيضاً نتنياهو في الأمم المتحدة منذ أيلول الماضي”. ويلفت إلى “وجود قرار إسرائيلي بأن كل ما يؤذيها من إيران ستضربه”، مشيراً إلى أن “الإسرائيليين ضربوا قاعدة للحرس الثوري الإيراني في العراق منذ أسبوع وهو ما بات واضحاً للجميع”. ويتابع: “بعد غارة العراق، حاول الإيراني تجهيز طائرات مفخخة في سوريا للإغارة داخل إسرائيل، في عملية تشبه عملية “داعش” على قاعدة حميميم الروسيّة، فما كان من الإسرائيليين منتصف ليل السبت – الأحد إلا أن دمّروا هذه القاعدة جنوب دمشق، لتأتي حادثة الضاحية بعد ساعتين فقط من عملية دمشق”.
وفي العلم العسكري، يشير الحلو إلى أن “الطائرتين الإسرائيليتين لم تسقطا بالخطأ، فهناك احتمالان لسقوطهما، الأول أن يكون قد أطلقت النار عليهما، والثاني عبر عملية تشويش إلكتروني”، مستبعداً أن يكون “الحزب”، “يملك مثل هكذا تكنولوجيا إلكترونيّة للتشويش وإلا كان واجه الطائرات الإسرائيلية التي تخرق أجواء الضاحية منذ سنتين”.
ويلفت الحلو إلى أن “الإحتمال الوحيد يبقى أن تكون الطائرة هجومية ومسيّرة ومعدّة لأن تصيب أهدافاً محددة”، مشيراً إلى أنّ ما حصل في عمق الضاحية وفي محاذاة المركز الإعلامي لـ”حزب الله” رسالة إسرائيلية بأنهم “يستطيعون أن يضربوا أينما كان وليس هناك حدود لهذه الضربات مع إمكانية عالية لإصابة الأهداف بدقّة”. ويشدّد على أن إحتمالات الحرب من سنة كانت أقوى، أما الآن فيستبعد “نشوب حرب شاملة خصوصاً أن الدول الغربية ومن ضمنها الولايات المتحدة الأميركيّة لا تزال تريد حماية لبنان، في حين أن حدود تلك الحماية لا تقف عندها إسرائيل وما حصل في دمشق أكبر دليل”.
ويلفت الحلو إلى ان ما يُبعد إحتمال جرّ إيران المنطقة إلى حرب هو أنها لا تفرّط بـ”حزب الله” بهذه السهولة، فـ”الحزب” هو جوهرة “فيلق القدس”، وإذا لم تكن إيران في خطر كبير لا تُدخله في مثل هكذا حرب.
طائرات استخدمها الحوثي
أما الخبير العسكري العميد المتقاعد أنطون مراد الذي يؤكّد أنه لا يمكننا أن نأخذ حادثة الضاحية الجنوبيّة إلا من المنظار العسكري العلمي فيقول: “علمياً هناك احتمالان، الأول أن تكون الطائرتان لـ”حزب الله” والثاني أن تكون إسرائيليتين”. وبالنسبة إلى الإحتمال الأول “فإن الحوثي منذ فترة هاجم السعودية بمثل هذا النوع من الطائرات، وما هو في حوزته موجود مع “الحزب” حتماً”. ويتابع مذكراً بأنّ “رئيس الحزب “التقدّمي الإشتراكي” وليد جنبلاط كان قد طلب من الرئيس نبيه بري التدخل لأن هناك طائرة استطلاع تراقب المختارة من فوق تلال عين داره، ويتحدّث البعض عن أن الطريق التي تسلكها هذه الطائرة هي من المطار مروراً بالشويفات وصولاً الى عين داره.
ويتحدّث مراد عن الإحتمال الثاني وهو أن الطائرة الأولى إسرائيلية، ويشير إلى أنه “من المحتمل أنها كانت تقوم بعملية مراقبة للضاحية، وقد تكون لم تسقط نتيجة خلل بل نتيجة نيران “حزب الله” خصوصاً وأن الحادثة أتت بعد وقت قليل من الغارة الإسرائيلية على سوريا”.
ويوضح مراد أنه “من الممكن أن الطائرة كانت أيضاً تستطلع محيط المطار علماً ان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أشار مرّات عدة إلى استعمال “الحزب” مطار بيروت الدولي ومحيطه لأغراض عسكرية”.
لكن ورداً على سؤال، يستبعد مراد نشوب حرب جديدة شاملة، مشيراً إلى أن “الأمر قد يقتصر على بعض الضربات المحدودة”.
ويسلّط تحليل العميد مراد العسكري الضوء على نقاط مبهمة ومخفيّة في حادثة الطائرتين المسيرتين، خصوصاً في ظل عدم وجود رواية رسميّة مفصّلة عن الحادثة، إنما كل ما يستند إليه غالبية السياسيين في تصريحاتهم هو رواية “حزب الله”.